مواقع قانونية متميزة – دليل رائع

اشهر المواقع القانونية – دليل المواقع القانونية

محاماة نت تقدم لكم أعزائي اشهر المواقع القانونية , و سننشر أكبر عدد من المواقع القانونية التي تهتم في المحتوى القانوني العربي , و لا شك أن العديد من المواقع , تتناول القوانين كل حسب الدولة التي يتبع لها الموقع , بإستثناء عدد من المواقع التي اصبحت مواقع عربية شاملة للقانون ,

و نشير أن موقع محاماة نت هو واحد من المواقع القانونية التي تهتم في تقديم استشارات قانونية عربية الى جميع السائلين عبر الإنترنت , و يحتوي الموقع على عدد ضخم من المحامين و المستشارين من جميع الدول , و يلعب الموقع في الفترة الأخيرة – كمنصة للتواصل الإجتماعي القانوني العربي , , و من ضمن الخدمات التي يقدمها موقع محاماة نت – خدمة دليل المحامين العرب , الخدمة التي تحتوي على الاف المحامين من جميع الدول العربية , حيث يحتوي الدليل على صفحات و كل محامي ينشر عبر صفحته عنوانه و تفاصيله الكاملة , التي تمكن الباحث من الحصول على المحامي المناسب سواء في الدولة او المدينة او حتى المنطقة .

محاماة نت توفر خدمة استشارات مدفوعة و الهدف من تلك الإستشارات – تقديم استشارة كاملة في اسرع وقت ممكن , نابعة من اراء لعدة مستشارين و محامين مختصين

و سننشر في الوقت القريب القادم , كل موقع قانوني و ما هي الخدمات التي يقدمها , و من المتوقع أن يستفيد من هذه الخدمة عدد كبير من المحامين العرب , فهي موجهه للمحامين و ايضا للزوا الذين يبحثون على مواقع قانونية هادفة تساعد في اثراء المحتوى القانوني العربي .

هل يحق للزوج أن يمنع زوجته من العمل من الناحية القانونية

عمل الزوجة رغما عن الزوج . مسموح أم مرفوض ؟

نشر بواسط محاماة نت

, نحن نعلم أن القانون الوضعي يعطي كلا من الزوج و الزوجة ذات الحقوق , و لم يفرق القانون ما بين الزوج و الزوجة في كثير من الأمور سوى الأمور التي نصت عليها الشريعة الإسلامية في المواريث , أو قانون العمل الإجازات و الأعمال التي تحتاج الى قدرات لا تتلائم مع المرأة لكن بشكل عام تتعامل القوانين مع المرأة بذات التعامل مع الرجل , لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل يحق للمرأة العمل من الناحية القانونية  ؟

الناحية القانونية تشير أن للمرأة الحق في العمل , و الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يشترط في عقد الزواج خلاف ذلك , و نحن هنا لسنا بصدد الحديث عن الناحية الشرعية لكن نتحدث عن الناحية القانونية أن للمرأة الحق في العمل , كما أنه من الحق المرأة إكمال التعليم الدراسي و كثير من النساء احيانا يشترطن في عقد الزواج السماح بإكمال التعليم او العمل و هنا نتحدث كحق المرأة في العمل .. و ليس في تجاوز رغبة زوجها او عملها رغما عن الزوج ؟

 

السؤال الذي يطرح نفسه الان ,, هل يحق للزوجة العمل رغما عن الزوج ؟

سنضع شرح عن هذا الموضوع قريبا جدا و اراء لعدد من المحامين العرب

إذن مخاصمة محامي لـ محامي – القانون الفلسطيني

إذن مخاصمة محامي لـ محامي – القانون الفلسطيني

إذن المخاصمة،
لا يشترط حصول المحامي على إذن لمخاصمة محامٍ آخر أو نقابته إذا كان هو بشخصه صاحب الصفة والمصلحة في الدعوى المراد إقامتها، لأن غاية المشرع في وضعه الحظر المنصوص عليه في المادة 265 من قانون المحامين النظاميين رقم 3 لسنة 1999 (ألا يقبل الدعوى ضد زميل له أو ضد المجلس قبل إجازته من قبل المجلس)، ينصرف مفهومها (ألا يقبل الدعوى …) فقط إلى منع المحامي من التوكل لشخص عادي أو معنوي لإقامة دعوى ضد محام آخر أو نقابة المحامين، وهذا لا يسري إذا كان المحامي هو بشخصه صاحب الصفة والمصلحة في الدعوى المراد إقامتها، والقول بخلاف ذلك هو تمسك غير مقبول بحرفية النصوص وخروج على غاية المشرع المذكورة،
لذلك قررت محكمة العدل العليا في قرارها رقم 1772015 بتاريخ 1442016 في بحثها (الدفع بلزوم إذن المخاصمة لقبول الدعوى) بقولها: (… العلاقة ما بين المستدعي والجهة المستدعى ضدها هي علاقة تنظيمية تنظم وفق أحكام القانون وليس بإرادة النقابة المنفردة، وبالتالي عدم الحصول على إذن لا يجعل الباب موصداً امام الطاعن للولوج إلى محكمة العدل العليا للطعن بالقرار المشكو منه الأمر الذي نجد إزاءه أن هذا الدفع غير وارد).

هل يمكن للمرأة السعودية أن تخلع زوجها

الطلاق و الخلع في المحاكم السعودية (هل يمكن للزوجة في السعودية أن تخلع زوجها ؟)

اعادة نشر بواسطة محاماة نت

وما هو الفرق بين فسخ النكاح الشرعي والخلع من النظرة الشرعية،

وهل حضور الزوج أمام القضاء شرط لإيقاع الخلع بين الزوجين.

و هل يجب إعلام الزوج بوقوع الخلع بينه وبين زوجته، إذا وقع ذلك غيابيا وفقا للظروف التي يراها القاضي.

من جانبه، أكد الدكتور صالح العصيمي –عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- أن الخلع يعني أن المرأة تطلب الانفصال عن الزوج لعدم قناعتها به وليس لعيب شرعي فيه، وإذا رفض الزوج فإن القاضي يفسخ.

أما الفسخ أن تطلب المرأة من زوجها الانفصال لوجود سوء في دينه أو خلقه أو تعاملاته أو خلقته، فتلجأ للقضاء لطلب الفسخ وليس الخلع، يعني مثلا عجزه عن المعاشرة الجنسية، فهنا يحق لها فسخ العقد وطلب تطليقها من القاضي، وعلى القاضي إذا اقتنع بالمبررات أن يطلقها ولا يطالب المرأة بإعادة المهر وما أهداه لها الزوج.

وقال العصيمي، إن من حق القاضي أن يجبر الزوج على الحضور أمامه لإيقاع الخلع، وإذا لم يحضر الزوج فإن القاضي له أن يحكم غيابيا، لافتا إلى أن القاضي له أن يتمهل في القضاء بالخلع وفقا لحيثيات القضية التي أمامه، فلربما تكون هناك زوجة عاشت سنين طويلة مع زوجها وجاء من أفسدها على زوجها، مؤكدا أن البعض يستنكر طول فترة القضاء في بعض قضايا الخلع ولا ينظر إلى اهتمام القاضي بحماية المرأة ممن غرر بها مثلا ورغبته في حماية وحفظ البيت والأسرة المسلمة.

أما الأستاذ أحمد الشطيري –المحامي الشرعي– فقد أكد أنه خلال عمله المهني، شهد وقوع حالات خلع بدون حضور الزوج، وجاء تعاطي الزوج للمخدرات كأحد أهم الأسباب التي تسببت في خلع القضاء للزوجة دون حضور الزوج، كما أن هذا الأمر قد يقع إذا استنفذ القضاء كل محاولات دعوة الزوج للحضور وثبت إبلاغه بكل الطرق لكنه رفض الحضور، هنا يحق للقاضي أن يخلع الزوجة غيابيا.

وأضاف الشطيري أن هناك مماطلات كثيرة تحدث من بعض الأزواج لعدم الحضور، لكن بعد جلسة أو جلستين يحضرون أمام القاضي، لافتا إلى أن مماطلة الزوج قد تصل إلى سنتين في عدم الحضور، إلا أنها محدودة وضيقة خاصة في الوقت الراهن في ظل وجود المحضرين ونظام المرافعات الشرعية، ما سهل كثيرا قضية حضور الزوج، مؤكدا أن هناك أجهزة بإمكانها إحضار الزوج بالقوة ومن بينها جهاز الشرطة.

وأشار الشطيري إلى أنه يتم إبلاغ الزوج بوقوع الخلع عن طريق المحضرين بالمحكمة الشرعية ويتم إبلاغه بنسخة من الحكم.

أما الأستاذة هيفاء الخالد – ناشطة في مجال حقوق المرأة – فقد رأت أن أمر الفصل في قضايا الطلاق والخلع قد يستمر إلى سنوات طويلة وقد تصل إلى خمس سنوات.

واستنكرت الخالد محاولات البعض التهوين من مسألة المماطلة ووجود كثير من قضايا الطلاق والخلع المعلقة، مؤكدة أنها قضايا كثيرة ومتعددة، مشيرة إلى وجود إهمال كبير لوضع المرأة داخل المحاكم، لافتة إلى أن المرأة تحتاج إلى دعم نفسي ومادي، ورفضت -في الوقت ذاته- تحميل المرأة وحدها عبء طول فترة الفصل في مسائل الطلاق والخلع، معتبرة أن ذلك قد يعد نوعا جديدا من أنواع الإرهاب الاجتماعي ضد المرأة.

ضمانات المتهم في مرحلة الاستجواب بحث قانوني كامل

Guarantees of the accused in the interrogation stage | ضمانات المتهم في مرحلة الاستجواب 

 

بحث قانوني كامل و متميز من اعداد : عماد احمد هاشم الشيخ خليل

اشراف : الدكتور شاهر مهاجر الوحيدي

تم اعادة النشر بواسطة محاماة نت

جاءت هذه الدراسة للإجابة على العديد من التساؤلات التي تشكل هموم هذا
البحث، ومن أهم هذه التساؤلات ما يلي:
هل تملك النيابة العامة باعتبارها سلطة التحقيـق الابتـدائي فـي الأردن صلاحية وزن وتقدير الأدلة والتصرف في التحقيق الابتدائي بالاستناد إلـى هـذه الصلاحية؟ وهل يملك المدعي العام التصرف في التحقيق الابتدائي بمنع محاكمـة المشتكى عليه لعدم كفاية الأدلة مع أن المشرع قد حصر سلطته في إصدار هـذا القار في حالتين وهما: كون الفعل لا يؤلف جرماً وعدم قيام الدليل على المشـتكى عليه هو الذي ارتكب الجرم؟ وهل كان المشرع موفقاً في نص المـادة (١٣٠/١ ( من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي جاءت بهذا الحصر؟ وهل يتعارض تفسير الشك ضد مصلحة المـتهم فـي مرحلـة التحقيـق الابتدائي مع قرينة البراءة؟ وما هي جدوى الاعتراف للنيابة العامة بسلطة تقـدير الأدلة والاعتماد على ذلك في التصرف في التحقيق الابتدائي في ظل الجمع بـين سلطتي الملاحقة والتحقيق بيد النيابة العامة؟

أكمل البحث من خلال التحميل المباشر من سيرفرات محاماة نت

تحميل الان | بحث قانوني كامل عن ضمانات المتهم في مرحلة الاستجواب

جميع الدفوع الجنائية في القانون

جميع الدفوع الجنائية في القانون | All criminal defenses 

أولاً :- الدفوع الجنائية الغير متعلقة بالنظام العام ..
١- الدفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم وجود دلائل كافية .
٢- الدفع ببطلان القبض والتفتيش لوقوعهما قبل معرفة كُنية المضبوطات .
٣- الدفع ببطلان القبض والتفتيش لإنتفاء حالة التلبس .
٤- الدفع ببطلان القبض والتفتيش لوقوعهما قبل صدور إذن النيابة العامة .
٥- الدفع بإنتفاء حالة التلبس لإنعدام التخلي الإرادى .
٦- الدفع ببطلان الإستيقاف لإنتفاء مبرراته .
٧- الدفع بتجاوز حدود التفتيش الوقائي .
٨- الدفع ببطلان إذن التفتيش لإنبناءه على تحريات غير جادة .
٩- الدفع بإنتفاء صلة المتهم بالجريمة .
١٠- الدفع بإنتفاء التهمة وإنعدام الدليل .
١١- الدفع بإنقطاع علاقة السببية بين الفعل والنتيجة .
١٢- الدفع بإنتفاء القصد الجنائي لتوافر الإكراه المادي .
١٣- الدفع بإنتفاء القصد الجنائي لتوافر الإكراه الأدبى أو المعنوي .
١٤- الدفع بإنتفاء الركن المادي أو المعنوي أو كلاهما .
١٥- الدفع بشيوع الإتهام .
١٦- الدفع بتلفيق الإتهام .
١٧- الدفع بكيدية الإتهام .
١٨- الدفع بعدم خضوع مكان الضبط للسيطرة المادية والفعلية للمتهم .
١٩- الدفع بعدم معقولية الواقعة .
٢٠- الدفع بقصور التحقيقات .
٢١- الدفع ببطلان المعاينة .
٢٢- الدفع بإستحالة الرؤيا .
٢٣- الدفع بالتناقض بين الدليلين الفني والقولى .
٢٤- الدفع بالتناقض في أقوال الشهود .
٢٥- الدفع ببطلان التحقيقات لكونها أثر من آثار القبض الباطل .
٢٦- الدفع بعدم جديو التحريات .
٢٧- الدفع ببطلان أقول المجني عليه لتعرضه لإكراه مادي أو معنوي أو كلاهما .
٢٨- الدفع ببطلان أقوال الشهود لإفتقارها للنزاهة والموضوعية .
٢٩- الدفع ببطلان أقوال الشهود لكونها وليده إكراه مادي .
٣٠- الدفع ببطلان أقوال الشهود لكونها وليدة إكراه أدبى أو معنوي .
٣١- الدفع ببطلان الإعتراف لتوافر الإكراه المعنوي .
٣٢- الدفع ببطلان الإعتراف لتوافر الإكراه الادبى .
٣٣- الدفع ببطلان الإعتراف لتوافر الإكراه المادي .
٣٤- المنازعة في القصد وخاصةً فى قضايا الإتجار فى المخدرات بمعنى المنازعة فى قصد الحيازة هل هى بغرض الإتجار أم هى حيازة عرضية أم هى حيازة مجردة .
٣٥- الدفع بعدم ولاية جهة التحري في القيام بإجراءات التحري كما فى الرقابة الإدارية ليس لها إجراء تحريات إلا على موظفى الدولة فقط .
٣٦- الدفع ببطلان جميع الإجراءات التي تلت القبض الباطل لكونها آثار مترتبة عليه .
٣٧- الدفع بعدم تحقق الشروط القانونية لتوافر حالة التلبس كون ضابط الواقعة حجب باقي أفراد القوة المرافقة له وإنفراده بالشهادة .
٣٨- الدفع بعدم توافر أركان حالة التلبس وهى إتصال علم الضابط بالواقعة بطريق الصدفة دون أن تكون لإرادته دور فى الكشف عن الجريمة المتلبس بها .
٣٩- الدفع بعدم توافر حالة من حالات التلبس التى نص عليها المشرع صراحةً وتحديداً.
٤٠- الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها .
٤١- الدفع بقيام حالة الإرتباط فيما بين الواقعة الماثلة وواقعه أخرى .
٤٢- الدفع بإنتفاء ركن التسليم والتسلم ( في جرائم خيانة الامانة ) .
٤٣- الدفع بالكيدية والتلفيق للتلاحق الزمني .
٤٤- الدفع بتجهيل مكان الضبط .
٤٥- الدفع بفساد دليل الإسناد المستمد من ( ……. ) وذلك لما شابه من ( ……. ) ..
٤٦- الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلية أو إحتمالية .
٤٧- الدفع بخلو الأوراق من ثمة دليل لإسناد الإتهام .
٤٨- الدفع بغموض تحقيقات النيابة العامة وقصورها .
٤٩- الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره من أحد معاوني النيابة العامة وعدم وجود ندب له في التحقيق .
٥٠- الدفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة لكون من باشرها هو أحد السادة معاوني النيابة العامة دون ندب لسيادته .
٥١- الدفع ببطلان تقرير الطبيب الشرعي أو الخبير المنتدب وفساد الإستدلال به كونه جاء مجهلاً وخالياً من حيث ( …….. ) .
٥٢- الدفع بإنقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم أو بالصلح أو بالوفاة أو بالتنازل عن الشكوى .
٥٣- الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي .
٥٤- الدفع بالجنون أو العاهة العقلية .
٥٥- الدفع بفقد الوعي والإرادة للسكر أو الغيبوبة الناشئة عنه .
٥٦- الدفع بتوافر العذر المعفى من العقاب أو المخفف له .
٥٧- الدفع ببطلان ورقه التكليف بالحضور .
٥٨- الدفع ببطلان الإستجواب لإجراءه مع متهم فاقد الإرادة – أو لإجراءه من غير ذي صفة .. اى من معاون نيابة دون ندبه من رئيس النيابة أو مدير النيابة – أو لإجراءه في جنحة أو جناية عقوبتها الحبس أو السجن دون أن يحضر محامى مع المتهم ودون توافر حاله الإستعجال المنصوص عليها في القانون .
٥٩- الدفع ببطلان محضر جمع الإستدلالات كونه وليد إكراه مادي أو معنوي
٦٠- الدفع ببطلان المعاينة التي تمت بمعرفه النيابة العامة .
٦١- الدفع بتزوير محضر الضبط أو محضر التحريات أو كلاهما .
٦٢- الدفع بعدم الإعتداد بالحرز للعبث بمحتوياته أو للتباين فيه .
٦٣- الدفع بالمنازعة فى شخص المتحرى عنه بمعنى أن من تم ضبطه ليس هو المتحرىَ عنه .
٦٤- الدفع ببطلان الإذن لصدوره بالمخالفة للشروط التي أوجبها القانون وهى:-
– تجاوز مُصدر الإذن لاختصاصه المكاني .
– أن الجريمة محتمله وليست حاله الحدوث .
– عدم ترجيح نسبه الجريمة لشخص معين .
– عدم قيام دلائل كافيه على إرتكاب المأذون بتفتيشه للجريمة المنسوبة له .
– صدور الإذن من غير ذي صفه كأن يصدر من معاون نيابة دون ندبه من رئيس أو مدير النيابة .
٦٥- الدفع بعدم جدية التحريات لإنبناءها على شهادة شهود ليس لهم وجود في الأوراق وهم المصادر السرية .
٦٦- الدفع ببطلان القبض والتفتيش لوقوعهما بالمخالفة للإذن من حيث مكان تنفيذه
٦٧- الدفع ببطلان التفتيش لإجراءه في مكان يستحيل وجود الأحراز المتحرى عنها فيه كأن يتم التفتيش عن سيارة مسروقة تحت سرير أو ما شابه .
٦٨- الدفع بتحريك الدعوى من غير ذي صفه .
٦٩- الدفع بتحريك الدعوى دون وجود طلب أو شكوى وذلك في الدعاوى التي يجب أن يكون فيها طلب أو شكوى كقضايا التهريب الجمركي والتهرب الضريبي .
٧٠- الدفع ببطلان إجراءات المحاكمة .

ثانياً :- الدفوع المتعلقة بالنظام العام ..
1- الدفع بعدم جواز تحريك الدعوى الجنائية لرفعها من غير ذى صفة .
2- الدفع بعدم جواز نظر الجنحة لسابقة الفصل فيها .
3- الدفع ببطلان تشكيل المحكمة .
*// الدفع بعدم الإختصاص ..
1- الدفع بعدم إختصاص المحكمة محلياً .
2- الدفع بعدم إختصاص المحكمة نوعياً .
3- الدفع بعدم إختصاص المحكمة ولائياً .
*// الدفع بإنقضاء الدعوى الجنائية ..
1- الدفع بإنقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة .
2- الدفع بإنقضاء الدعوى الجنائية بالوفاة .
3- الدفع بإنقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل عن الشكوى .
4- الدفع بإنقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل عن الطلب .
5- الدفع بإنقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح .
*// الدفوع المتعلقة بالجريمة ..
1- الدفع بتلفق الإتهام وشيوعه .
2- الدفع بالتأخر والتراخي فى الإبلاغ .
3- الدفع بكيدية الإتهام .
4- الدفع بتناقض الدليل القولى بالشكوى مع الدليل القولى بمحضر الإستدلال .
5- الدفع بتناقض الدليل القولى بمحضر الإستدلال مع الدليل القولى بالإستجواب .
6- الدفع بتناقض الدليل القولى مع الدليل الفنى ( التقرير الطبى ) .
*// الدفوع الشكلية ..
1- الدفع ببطلان إستجواب المتهم فى عدم حضور محاميه .
2- الدفع ببطلان سماع الشاهد بدون حلف اليمين .
3- الدفع ببطلان إذن التفتيش .
4- – الدفع ببطلان الضبط .
5- الدفع ببطلان محضر التحريات لعدم جديته .
6- – الدفع ببطلان إدانة المتهم بتهمة لم ترد بأمر الإحالة .
7- – الدفع ببطلان الحكم فى جناية لعدم حضور محامى مع المتهم .
8- – الدفع بإنتفاء حالة التلبس .
9- الدفع ببطلان تفتيش الأنثى بمعرفة رجل ولا يصحح ذلك التفتيش رضائها بذلك .
*// الدفوع المتعلقة بموانع المسئولية ..
1- الدفع بجنون المتهم أو وجود عاهة عقلية .
2- الدفع بحالة السكر أو الغيبوبة الناشئة عن عقاقير مخدرة .
3- الدفع بحالة الضرورة أو الإكراه المادى .
*// الدفوع الموضوعية ..
1- عدم معقولية التهمة .
2- عدم التصور المنطقي للواقعة .
3- عدم كفاية الأدلة .
4- عدم وجود مناظرة بمحضر جمع الإستدلالات .
5- عدم توافر الركن المادى للجريمة .
6- عدم توافر القصد الجنائى لدى المتهم .
7- إنتفاء رابطة السببية بين الخطاء والنتيجة .
8- الأحكام الجنائية تبنى على الجزم واليقين ولا تبنى على الشك والتخمين .
*// دفوع متنوعة ..
1- الدفع ببطلان أقوال الشهود .
2- الدفع ببطلان المعاينة .
3- الدفع ببطلان قبول مذكرات الدفاع بعد الميعاد المحدد لها والتعويل على ما جاء بها
ويتعين على المحكمة إستبعادها لورودها بعد الميعاد .
4- الدفع ببطلان الإعتراف لأنه وليد إكراه .
5- الدفع ببطلان الحكم لعدم توقيعه خلال ٣٠ يوماً من تاريخ صدوره .
6- الدفع بعدم جواز نظر الإستئناف أو سقوط الإستئناف للتقرير به بعد الميعاد .
مثال للدفوع فى (( قضايا الضرب ))
و حيث أنه ومن المتعارف عليه وكما قررت محكمة النقض أن التقرير الطبى ماهو إلا دليل إصابة وليس دليل إدانة ..
(( ويتم الطعن عليه من خلال ))
– الدفع بتناقض الدليل القولى مع الدليل الفنى .
أى أنه لكى يصبح التقرير الطبى دليل إدانه للمتهم لابد من تناسب الأداة المستخدمة والذى تذكر على لسان المجنى عليه و لابد أن تتناسب مع الإصابه الموصوفة بالتقرير الطبى أما و إذا لم يحدث هذا التناسب بين الأداة المستخدمة والإصابة الواردة بالتقرير الطبى يصبح التقرير الطبى دليل إصابة وليس دليل إدانة .
– كما أن الإصابات الواردة بالتقرير الطبى يمكن الدفع عليها بأنها كلها إصابات بسيطة يمكن إفتعالها إذا كانت خدوش وخلافه .
و لا يقدح من ذلك التعويل على التقرير الطبى فقط فى قضايا الضرب فلابد من البحث عن دفوع أخرى مثل ..
– عدم معقوليه تصور الواقعة كما صورها المجنى عليه .
– التراخى فى الإبلاغ .
– كيدية الإتهام وتلفيقه إذا كان هناك خلافات بين الطرفين .
– عدم وجود شاهد بالأوراق .
– بالإضافة إلى وكما ذكرنا تناقض الدليل القولى مع الدليل الفنى .

بحث قانوني جديد عن التكييف في القانون الدولي

التكييف في القانون الدولي | Adaptation in international law

اعادة نشر بواسطة محاماة نت

المبحث الأول:مفهوم التكييف و أساسه التاريخي.
سنتناول في هذا المبحث تبيان التكييف في فروع القانون عامة و في القانون الدولي الخاص خاصة في مطلب أول، و نتعرض في المطلب الثاني إلى بعض القضايا التي طرحت على القضاء الفرنسي و التي أثارت مشكلة التكييف،و تعتبر كذلك الأساس أو الأصل التاريخي لظهور مختلف نظريات التكييف التي وضعها الفقه حيث سنستعين بها في المبحث الثاني لشرح هاته النظريات.
المطلب الأول: مفهوم التكييف.
نعرض في هذا المطلب للمقصود بالتكييف في فرع أول،و التمييز بين التكييف الأولي و الثانوي في الفرع الثاني.
الفرع الأول: المقصود بالتكييف.
إن تحديد الوصف القانوني الملائم للعلاقة القانونية مسألة مقررة قبل أن يطبق القاضي القانون المختص على الوقائع محل النزاع سواء في القانون الداخلي أو الدولي،مثلا فقاضي التحقيق يحدد ما إذا كان سلب مال الغير هو من قبيل السرقة أو النصب أو خيانة الأمانة،كذلك القاضي المدني يفصل أولاً فيما إذا كان اتفاق الأطراف موضوعه وعد البيع أو بيعاً متوقف على شرط،وهكذا يجب تحديد الطبيعة القانونية[1] لمحل النزاع قبل تطبيق القانون عليه،و يمارس القاضي هذه المهمة بتكييف الوقائع ضمن تفسير أحكام القانون،و بالتالي فالتكييف عملية أولية معروفة في القانون الداخلي و القانون الدولي،غير أن الهدف من التكييف في القانون الدولي هو شيء آخر،في القانون الداخلي يؤدي التكييف إلى تحديد النص القانوني الموضوعي الواجب التطبيق بينما في القانون الدولي الخاص،يؤدي إلى وضع المسألة محل النزاع ضمن طائفة من طوائف النظم القانونية المقررة في قانون القاضي تمهيداً لإسنادها إلى القانون المختص. و عند تحليل أي قاعدة من قواعد الإسناد نجد أنها تتكون من شقين الشق الأول خاص بالمسألة التي يمكن أن يثور بشأنها النزاع،و التي هي محل التنازع بين القوانين،و الشق الثاني يتعلق بتحديد القانون الواجب التطبيق عليها،فالقاعدة التي تقضي بأن الحالة و الأهلية أو مسألة الأحوال الشخصية عموماً تخضع لقانون الجنسية،توجب تحديد أولاً المسائل التي تدخل ضمن طائفة الأحوال الشخصية (الفكرة المسندة) و هي موضوع النزاع،و تتضمن ثانياً ضابط الإسناد أو أساس تحديد القانون الواجب التطبيق،و هو قانون الجنسية عندنا،و نفس الشيء بالنسبة للالتزامات غير التعاقدية أو التصرفات القانونية و شكلها،يجب على القاضي في العلاقات المشتملة على عنصر أجنبي أن يحدد طبيعة هذه المسألة بشأنها،و ذلك كي يتسنى له أن يسندها إلى أية قاعدة من قواعد التنازع،فإذا انتهى إلى أن النزاع يخص الأهلية أو كان منصباً على الأشكال المكملة لها،طبق ضابط الإسناد القاضي بخضوع الأهلية إلى قانون الجنسية عندنا،أما إذا كان النزاع منصباً حول الشكل الخارجي للتصرف فيسنده إلى القاعدة التي تحكم الشكل الخارجي و إذا رأى أن الشكل يتعلق بالإجراءات فيدخله ضمن أشكال المرافعات التي يسري عليها قانون القاضي،و نفس الشيء بالنسبة للوصية يجب تحديد ما إذا كان النزاع منصباً حول موضوعها أو يتعلق بشكلها،و معنى هذا البحث أنه لا يكفي بصفة مجردة أن يتحدد موضوع النزاع تحديداً عاماً بل يجب البحث عن الهدف منه. و قد اختلف الفقهاء فيما ينصب عليه التكييف في اتجاهين أولهما يغلب الجانب القانوني فيه فرأى البعض منهم أن التكييف يتعلق بالنظم القانونية و رأى فريق أنه يتعلق بالوقائع القانونية الموضوعية،و حسب هذه الآراء يمكن تعريف التكييف بأنه تحديد لطبيعة النظام القانوني أو تحديد لطبيعة العلاقة القانونية أو تحديد طبيعة القاعدة الموضوعية. أما الاتجاه الثاني فذهب إلى القول بأن التكييف يتعلق بالوقائع و بالتالي يعرفه بأنه هو إعطاء الواقعة الطابع القانوني الذي يدخلها في طائفة معينة من طوائف النظم القانونية التي خصها المشرع بقاعدة إسناد.

و يوجد بين الاتجاهين السابقين رأي توفيقي لا يتقيد بعنصر القانون وحده،أو بعنصر الواقع على انفراد و إنما يعتمد عليهما معاً،و هو يرى أن التكييف ينصب على موضوع النزاع،و عرفه بأنه تحديد طبيعة المسألة التي تتنازعها القوانين و إعطائها الوصف القانوني الملائم لوضعها في نطاق طائفة من النظم القانونية التي خصها المشرع بقاعدة إسناد معينة تمهيداً لإسنادها إلى قانون معين. و من التعريف السابق يتبين أن اصطلاح المسألة موضوع النزاع اصطلاح عام يشمل عناصر القانون و عناصر الواقع و أن الغرض من التكييف هو إدخال المسألة في طائفة من طوائف النظم القانونية المقررة في قانون القاضي،كما يتبن أن اصطلاح المسألة موضوع النزاع يعني تخصيص قاعدة إسناد مختلفة لكل طائفة من هذه المسائل عند وضع قواعد الإسناد.
و قد عرف التكييف منذ القديم،في القانون الكنسي،و في القانونين الفرنسيين القديم و الحديث،غير أن اسمه اقترن بأبحاث الفقيهين ،الألماني فرانتس كاهن (F.Kahn) سنة 1891 و الفرنسي فرانتس بارتان (f.Bartin) سنة 1897 اللذين شيدا منه نظرية واضحة المعالم و متكاملة البنيان.[2]
و الجدير بالذكر أن التكييف يأتي كمرحلة أولية ضرورية قبل الإسناد و أن اختلاف القوانين في تحديد الوصف القانوني للمسألة محل النزاع حتى توضع ضمن طائفة من طوائف الإسناد التي خصها المشرع بقاعدة قانونية هو الذي جعل منه قضية معقدة لأن كل نظام قانوني له تكييفاته الذاتية حسب المفاهيم و الأنظمة السائدة فيه،أي في قواعده الموضوعية،مما يؤدي إلى تنازع في النظم في التكييفات مثلا هل إجراء الزواج في الشكل المدني هو مسألة تخص الإثبات أم صحته،إن إعطاء أوصاف قانونية مختلفة لمسألة واحدة ينجر عنه وضع تلك المسألة ضمن طوائف إسناد مختلفة و النتيجة وجود تنازع في التكييف و اختلاف في تعيين ضابط الإسناد،و لو تسنى تجاوز هذه العقبة بتوحيد الأوصاف القانونية عالمياً لما دعت الحاجة لبحثه و لتوحدت طوائف النظم و ضاق مجال التنازع في أضيق الحدود.
الفرع الثاني:التمييز بين التكييف الأولي و الثانوي.
للتكييف نوعان تكييف أولي و تكييف ثانوي:
أولاً: التكييف الأولي.
التكييف الأولي يعني عملية فنية أولية سابقة على الإسناد و تفيد تحديد طبيعة العلاقة القانونية ذات العنصر الأجنبي لغرض إعطائها الوصف القانوني لأحد الأفكار المسندة تمهيداً لإسنادها للقانون الواجب التطبيق فهو يعني توصيف العلاقات القانونية للكشف عن طبيعتها و من ثم اختيار قاعدة الإسناد الملائمة لها،و بهذا المعنى يعد التكييف البداية لإعمال قواعد الإسناد فإن تم التكيف بالشكل الصحيح فينسحب ذلك على الإسناد و أي خطأ في التكييف ينصرف إلى الإسناد و هذا يعني أن التوصيف الخاطئ للعلاقة يترتب عليه اختيار خاطئ للفكرة المسندة و من ثم قاعدة الإسناد و بعده يصبح تطبيق القاعدة مشوب بخطأ يخضع لرقابة المحاكم العليا لأن إعمال القواعد مسألة قانونية.
و تظهر الحاجة للتكييف سواء في ظل اختلاف قواعد الإسناد أم تشابهها ذلك لأن تشابه القواعد لا يعني وحدة توصيف العلاقة فالتكييف عملية سابقة على الإسناد فتشابه قواعد الإسناد في القانونين الفرنسي و الهولندي لم ينفي الحاجة للتكييف فرغم أن كل من القانونين متفقين على قاعدتين هما خضوع الشكل لقانون محل الإبرام،و خضوع الأهلية لقانون الجنسية إلا أن ذلك لم يقد القانونين إلى الاتفاق على وحدة الوصف القانوني للعلاقات (التكييف) و ذلك بمناسبة وصية حررها أحد الهولنديين قبل وفاته في فرنسا بالشكل العرفي لا بالشكل الرسمي كما سنرى ،و هذا يعطي انطباع على أن وحدة قواعد الإسناد لا تقضي على مسألة الاختلاف في التكييف.
ثانياً:التكييف الثانوي.
أما التكييف الثانوي فهو عملية فنية لاحقة على عملية الإسناد يجريها قاضي النزاع بموجب القانون المختص بحكم النزاع الغرض منها البحث عن القواعد الموضوعية في القانون الذي سيحكم النزاع و الملائمة للعلاقة مثال ذلك الطعن بأهلية فرنسي مقيم بالعراق أمام قاضي النزاع العراقي يقوم الأخير بتكييف الطعن بحسب القانون العراقي أما تحديد ما يعد من عوارض الأهلية كالعته و السفه تكون بموجب القانون الأخير أي أن القاضي العراقي سيضع الطعن في خانة قاعدة الإسناد الخاصة بالأهلية و بعدها يراجع القانون الفرنسي المشار إليه من قبل القاعدة لاختيار القاعدة الموضوعية المناسبة للتفاصيل الجزئية للعلاقة موضوع الطعن.[3]
لكن ما ينبغي ذكره كما سبق القول هو أن المشكل في القانون الدولي الخاص ليس هو مشكل التكييف في حد ذاته، و إنما هو مشكل التنازع في التكييف،ذلك أن المسألة القانونية المطروحة على القاضي لها علاقة بقوانين عدة دول،فينبغي قبل إجراء التكييف تحديد القانون الذي يجري وفقه هذا التكييف،و لو أن قوانين كل الدول تعطي للمسألة القانونية نفس التكييف ما كانت هناك صعوبة تذكر،لكن يحدث و أن قوانين الدول تعطي بالنسبة لكثير من المسائل تكييفات مختلفة،و من ثم تظهر الصعوبة التي تواجه القاضي الذي يقوم بعملية التكييف،و الأمثلة التالية و المأخوذة من القضاء الفرنسي توضح لنا ذلك.[4]
المطلب الثاني: الأساس التاريخي لمشكلة التكييف.
نعرض في هذا المطلب إلى بعض القضايا التقليدية المعروفة في القانون الدولي الخاص التي فصل فيها القضاء الفرنسي لاستجلاء الصعوبات التي تواجه القاضي في التكييف و موقفه من حلها،حيث سنستعين بها في شرح آراء الفقه لاحقاً.
الفرع الأول: قضية وصية الهولندي.
و تتلخص وقائعها في أن هولندياً مقيماً بفرنسا كان قد حرر فيها وصية بخط يده طبقاً لأحكام المادة 999 مدني فرنسي،التي تجيز للفرنسي و لو كان بالخارج أن يبرم وصية عرفية موقعاً عليها بخطه،و بمفهوم المخالفة يجيز القضاء و الفقه الفرنسيان للأجانب الموجودين بفرنسا إجراء وصاياهم في ذات الشكل أيضاً،و لما توفى الموصي طعن الورثة في صحة الوصية بالبطلان تأسيساً على المادة 992 من القانون المدني النيرلندي التي تمنع الهولنديين و لو كانوا في الخارج من إجراء وصاياهم في الشكل العرفي،و تعتبر إجراء الوصية في الشكل الرسمي مسألة مكملة للأهلية تتعلق بحماية الموصي، و لما عرض النزاع أمام محكمة “أورليان” وجدت نفسها أمام مشكلة متعلقة بالتكييف تدور حول تحديد طبيعة موضوع النزاع [5]هل هو خاص بالشكل الخارجي فتخضعه لقاعدة التنازع الخاصة بشكل التصرفات القانونية و هي إسناده لقانون محل إبرامه(القانون الفرنسي)،و من ثم تقضي بصحة الوصية،أو هو متعلق بالشكل المكمل للأهلية الذي يلحق بحكم الأهلية و حينئذٍ يسري عليه قانون جنسية الموصى (القانون الهولندي) طبقاً لقاعدة التنازع في القانون الفرنسي،مما يؤدي إلى الحكم ببطلان الوصية طبقاً للمادة 992 مدني هولندي،إذن الإشكال المطروح يتعلق بتحديد القانون الذي يخضع له التكييف،إذا طبقت المحكمة القانون الفرنسي باعتباره قانون القاضي فهو يعتبر المسألة متعلقة بالشكل الخارجي،و أن كتابة الوصية عملاً بالمادة 999 مدني فرنسي القصد منه هو مجرد تيسير إثباتها فقط،أما إذا أخذت بتكييف القانون الهولندي فسوف تنتهي إلى أن موضوع النزاع (الشكل المطلوب لتحرير الوصية) يتعلق بالشكل المكمل للأهلية،لأن حظر إجراء الوصايا في الشكل العرفي يقصد منه في القانون الهولندي حماية المواطنين حتى لا ينقادوا بسهولة تحت تأثير بعض الظروف العارضة للتبرع بأموالهم من غير تبصر،و لكن المحكمة انتهت في الأخير إلى ترجيح وجهة النظر الأولى و كيفت النزاع على ضوء أحكام القانون الفرنسي فقضت بصحة الوصية،و لو فرضنا أن النزاع عرض على قاضي بلد آخر يتفق قانونه مع أسس القانون الهولندي لقضى بغير ما انتهى إليه القاضي الفرنسي.
الفرع الثاني: قضية ميراث المالطي.
و قد فصلت فيها محكمة استئناف الجزائر بتاريخ 24 ديسمبر 1889 و تتلخص وقائعها في أن زواجاً تم بمالطا بين مالطيين الزوجين “بارتولو” (Bartholo) [6] طبقاً للقانون المالطي ثم هاجر الزوجان إلى الجزائر و أقاما فيها و تملك الزوج عقارات فيها،و بعد وفاته في الجزائر طالبت زوجته بحقها فيما تركه زوجها الذي خوله لها القانون المالطي،هذا الحق يعرف باسم نصيب الزوج الفقير أو البائس (La quatre du conjoint pauvre) و هو نظام معروف في القانون المالطي دون القانون الفرنسي الذي كان في ذلك الوقت لا يعطي للزوجة إلا الحق في قسمة الأموال المشتركة و حقها في استرداد أموالها الخاصة،فتردد القاضي المعروض عليه النزاع بين تطبيق القانون المالطي و القانون الفرنسي،إن المسألة تتعلق بتحديد الوصف القانوني الملائم للحق المطالب به،هل هذا الحق هو جزء من الميراث فيطبق عليه القانون الفرنسي طبقاً لقواعد الإسناد فيه (قانون موقع العقار) و من ثم لا تحصل الزوجة على الحق المطالب به،أو هو حق لها بسبب بقائها على قيد الحياة بعد وفاة الزوج و يعد منفعة[7] زوجية فضلاً عن الميراث،و مع ذلك يدخل هذا النصيب في النظام المالي للزوجين الذي يخضع للقانون المالطي باعتباره القانون الخاص بنظام أموال الزوجين،و قد كيفت المحكمة المسألة التي يثيرها ادعاء الزوجية بأنه يدخل في فكرة الميراث و ذلك حسب أحكام القانون الفرنسي،قانون القاضي الذي ينظر الدعوى،و لما كان القانون الواجب التطبيق على الميراث في العقارات هو قانون الموقع،أي القانون الفرنسي،فقد قضت المحكمة في النهاية برفض ادعاء الزوجة،باعتبار أن القانون الفرنسي لا يعترف بمثل هذا الحق (نصيب الزوج المحتاج) وقت صدور الحكم. [8]
الفرع الثالث: قضية أجدن .
و تتلخص وقائعها أن فرنسياً قاصراً ذهب إلى انجلترا و تزوج هناك من امرأة انجليزية دون حصوله على إذن من والديه عملاً بالمادة 148 مدني فرنسي،و عندما عاد إلى فرنسا طالب أمام القضاء الفرنسي بإبطال الزواج للسبب المذكور،فأبطله القضاء الفرنسي ثم تزوج ثانية،كما تزوجت زوجته السابقة الانجليزية من زوج انجليزي،و عندما علم هذا الأخير سبق زواجها طالب أمام المحاكم الانجليزية ببطلان الزواج الثاني منها لتعدد الأزواج فقضت محكمة الاستئناف الإنجليزية سنة 1908 ببطلانه و اعتبار زواج الانجليزية من الفرنسي صحيحاً،إذن ما هو السر في تضارب هاذين الحكمين؟إن السبب راجع إلى التكييف و اختلاف مفهومه في القانون الفرنسي عنه في القانون الانجليزي ففي القانون الفرنسي يعتبر رضا الأولياء من الأشكال المكملة للأهلية، و بالتالي يخضع لقانون الجنسية و هو القانون الفرنسي،بينما يعتبر في القانون الانجليزي من الأشكال الخارجية و يخضع لقاعدة لوكيس[9] و هو القانون الانجليزي ،و بالتالي عندما عرضت القضية أمام المحاكم الفرنسية كيفت النزاع بأنه يتعلق بالأهلية و طبقت عليه القانون الفرنسي،و لكن لو كيفته طبقاً للقانون الانجليزي و اعتبرت رضا الأولياء من الأشكال الخارجية و طبقت عليه قاعدة لوكيس لاعتبرت الزواج صحيحاً و العكس بالنسبة لموقف القضاء الانجليزي.
الفرع الرابع:قضية زواج اليوناني.
و تتمثل وقائعها في أن يونانياً اسمه كراسلانيس(Caraslanis) تزوج في فرنسا من فرنسية طبقاً للشكل المدني المعمول به في فرنسا،فطعن أولياؤه ببطلان هذا الزواج لأنه لم يتم حسب الشكل الديني الذي يتطلبه القانون اليوناني،قانون جنسية الزوج،و الذي يعتبر إشهار الزواج في الشكل الديني مسألة موضوعية و تدخل في نظام الأحوال الشخصية،و لكن محكمة النقض الفرنسية قضت باختصاص القانون الفرنسي في تحديد طبيعة المسألة المتنازع عليها، و اعتبرت إشهار الزواج في الشكل الديني مسألة شكلية لا موضوعية و تسري عليه قاعدة لوكيس و بالتالي قضت بصحة الزواج،[10]و قالت المحكمة حيث أن مسألة تحديد ما إذا كان إشهار الزواج يدخل في قواعد الشكل أو في القواعد الموضوعية يفصل فيها القضاة الفرنسيون طبقاً لمفاهيم القانون الفرنسي الذي يعتبر الطبيعة الدينية أو المدنية للزواج مسألة شكل،و بالتالي الزواج المدني الذي أبرمه الزوجان يعتبر صحيحاً وفقاً لقاعدة لوكيس.[11]
الظاهر من الأمثلة السابقة و غيرها اختلاف موقف القضاء بصدد التكييف الذي هو مسألة مهمة يتوقف عليها تحديد القانون الواجب التطبيق،و أن القضاء كيّف الوقائع دائماً طبقاً للقانون الوطني،فهل هذا الموقف سديد أو أن له مساوئه؟ هذا ما نتعرف عليه فيما سيأتي:[12]
المبحث الثاني:موقف الفقه و التشريع من التكييف.
نعرض في هذا المبحث إلى مختلف الآراء الفقهية المنظرة لمشكلة التكييف على ضوء القضايا التي سبق التعرض لها في المبحث الأول،ثم ننتقل إلى تبيان موقف مختلف التشريعات من التكييف لاسيما موقف المشرعين المصري و الجزائري على اعتبار أن قواعد الإسناد الجزائرية مستمدة من نظيرتها المصرية.[13]
المطلب الأول: موقف الفقه من التكييف.
اختلف الفقهاء في تعيين القانون الذي يخضع له التكييف،فرأى البعض أن التكييف يخضع للقانون الأجنبي المختص بحكم النزاع،و ذهب الرأي الراجح إلى إسناده لقانون القاضي،و اقترح البعض الآخر الجمع بين القانونيين،و رأى فريق رابع إخضاع التكييف للمبادئ العامة في القانون المقارن،و نشير بإيجاز إلى هذه الآراء فيما يلي:
الفرع الأول:إخضاع التكييف لقانون القاضي.
يعتبر التكييف أو تحديد الوصف القانوني للمسألة محل النزاع عملية أولية لازمة لمعرفة و اختيار قاعدة الإسناد، و بالتبعية لتحديد القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع،و من الطبيعي أن يجري القاضي التكييفات اللازمة حسب المبادئ و الأحكام السائدة في قانونه،و هذا أمر بديهي،فعملية التكييف ذات طبيعة واحدة سواء تعلق الأمر بمنازعات وطنية بحتة أم بمنازعات منطوية على عنصر دولي أو أجنبي.
و أول من ناد[14] بهذه النظرية هو الفقيه الألماني “فرانتس كان” (Frantz Kahn)، و لكن يرجع الفضل في بلورتها و استخلاص عناصرها و إيضاح معالمها إلى الفقيه الفرنسي “بارتان” (Bartin)[15]
و يستند خضوع التكييف لقانون القاضي إلى عدة أسانيد،ساق بعضها الأستاذ “بارتان” و أضاف الفقه الحديث البعض الآخر.
السند الأول،عملي:و يقوم على الواقع القضائي،فقد كشف الأستاذ “بارتان” أن المحاكم الفرنسية قد درجت على إخضاع التكييف للقانون الفرنسي،باعتباره قانون القاضي،وحده دون غيره،و من بين القضايا التي استشهد بها هذا الفقيه، قضية ميراث المالطي،حيث كيفت المحكمة المسألة التي يثيرها ادعاء الزوجية بأنه يدخل في فكرة الميراث و ذلك حسب أحكام القانون الفرنسي،قانون القاضي الذي ينظر الدعوى،و لما كان القانون الواجب التطبيق على الميراث في العقارات هو قانون الموقع،أي القانون الفرنسي،فقد قضت المحكمة في النهاية برفض ادعاء الزوجة،باعتبار أن القانون الفرنسي لا يعترف بمثل هذا الحق (نصيب الزوج المحتاج) وقت صدور الحكم. [16]
السند الثاني،سياسي:و يقوم على فكرة سياسية أكثر منها قانونية،و هي فكرة السيادة،حيث يرى الأستاذ “بارتان”،أن تنازع القوانين ما هو في الحقيقة إلا تنازعاً بين سيادات الدول المختلفة التي على صلة بالعلاقة محل النزاع،فالأمر يتعلق هنا بتحديد نطاق سلطان و مجال انطباق تشريعات تلك الدول،أي تحديد مدى السيادة التشريعية لها،و لما كانت وظيفة قاعدة الإسناد لا تعدو أن تكون فضا للتنازع بين السيادات،و كان التكييف يعتبر مسألة أولية و لازمة لإعمال قاعدة الإسناد فهو يتصل أيضاً بفكرة السيادة،و لما كان التكييف يحدد نطاق تطبيق قاعدة الإسناد فيكون من غير المتصور أن يتنازل المشرع أو القاضي الوطني عن هذه المسألة المتعلقة بنطاق سيادة دولته التشريعية لقانون آخر غير قانونه.
السند الثالث،قانوني:و لم يرق السند السياسي في نظر غالب الشراح،فإخضاع التكييف لقانون القاضي يقوم على وظيفة التكييف كعملية فنية في علاقته بقاعدة الإسناد فهذه الأخيرة،لا تهدف إلى فض التنازع بين سيادات أو رسم النطاق المكاني لتطبيق القوانين في الدول المختلفة،و إنما وظيفتها اختيار أنسب القوانين لحكم العلاقة ذات الطابع الدولي.[17]و هذا لا يمكن إدراكه أو تحقيقه إلا بعد إجراء التكييف اللازم للمسألة المعروضة،فالتكييف ما هو إلا تفسير لقاعدة الإسناد ذاتها.
فالقاضي الذي يكيف شرط شهر الزواج في حفل ديني يحضره كاهن يقوم بطقوس معينة،لا يقصد في الواقع سوى تفسير قاعدة الإسناد التي تقرر اختصاص قانون محل إبرام الزواج بحكم مسائل الشكل،أو التي تقرر اختصاص القانون الشخصي بحكم المسائل الموضوعية في الزواج،و ذلك ليتوصل إلى معرفة ما إذا كان هذا الشرط يتعلق بالشكل أم بالموضوع،و هو إذ يفسرها لا يفسرها إلا حسب أحكام قانونه الذي تشكل قاعة الإسناد جزءاً منه.
و يقترب من هذه الحجة ما يراه الأستاذ موري من أن التكييف هو تفسير لقواعد الإسناد لا غير و على القاضي أن يفسر قواعد التنازع في قانونه طبقاً لهذا القانون أيضاً،مثلا ينبغي أن يتحدد شكل التصرف الخاضع لبلد الإبرام عملاً بقاعدة لوكيس حسبما هو مقرر في قانون القاضي،و قد أيد الفقيه باتيفول هذا الرأي معتبراً التكييف هو تفسير لقاعدة الإسناد و أخذ به غالبية الفقهاء في القانون المقارن.[18]
السند الرابع،منطقي: و مقتضاه أن “البيئة أو الجو القانوني” الذي يعمل فيه القاضي الذي يواجه حل مشكلة تنازع القوانين يقودانه إلى تطبيق قانونه على عملية التكييف،فقاعدة الإسناد ذاتها،كما مضت الإشارة،قاعدة وطنية داخلية، و تشكل جزءاً من قانون القاضي،و كل ما يلزم لإعمالها يلتمس بجانب ذلك القانون،كما أن القاضي نفسه،و إن كان يفصل في منازعة خاصة دولية،ليس قاضياً دولياً بل قاضي وطني يتأثر في تكوينه و عمله بمفاهيم و أحكام قانونه الوطني،كل هذا يؤدي بالضرورة إلى إجراء التكييف وفقاً للمبادئ و الأحكام السائدة في قانونه.
و لا يعكر صفو هذا “الجو الوطني” تدخل قانون أجنبي حيث أن التكييف هو عملية أولية سابقة على إعمال قاعدة[19] الإسناد و الكشف عن إمكانية تطبيق قانون أجنبي،فقبل تمام التكييف أو تحديد الوصف القانوني للمسألة المثارة لا يكون هناك قانون آخر ينازع قانون القاضي اختصاصه و لا يمكن التكهن بهذا القانون حيث أن القاضي لم يعرفه بعد.
و هناك حجة أخرى للفقيه أرمنجون الذي يرى أن التكييف يجب توحيده وطنياً،و يجب ألا يتغير بتغيير القانون المختص،فليس من المعقول أن يعتبر القاضي الوطني العلاقة مرة داخلة في الميراث و مرة أخرى مشارطات الزواج تبعاً لاختلاف القوانين في التكييف (راجع قضية المالطي)،إن العدالة تقضي أن يكون القانون الخاص بالتكييف قانوناً واحداً و هذا يتأتى بإعمال قانون القاضي وحده.[20]
و الحقيقة هي أن التكييف يجب أن يخضع لقانون القاضي لاعتبار هام،و هو أنه في حالة تنازع عدة قوانين ليس من ضمنها قانون القاضي،فيجب أن يحتكم إلى هذا القانون ما دام النزاع رفع أمام محاكمه إذا فرضنا أن نزاع زواج اليوناني طرح أمام القاضي الجزائري نجد أن المسألة تنازعها ثلاثة قوانين،قانون مكان إبرام الزواج و القانون الوطني للزوجين و قانون القاضي،هذا القانون الأخير ليس له صلة بالاختصاص الموضوعي،و مع ذلك يجب الفصل بين القانونين الأولين بين ما يعود من النزاع إلى الموضوع و ما هو خاص بالشكل،طبقاً لأحكام قانون القاضي باعتباره قانوناً محايداً،و إلا كان إعمال أحد القانونين و تفضيله على الآخر من قبيل المصادرة على المطلوب.
الاستثناءات الواردة على فكرة خضوع التكييف لقانون القاضي.
التكييف الأولي و التكييف الثانوي: يفرق “بارتن” بين التكييف الأولي و السابق و التكييف اللاحق أو الثانوي:
الأول: غرضه الاهتداء إلى قاعدة الإسناد التي تندرج تحتها المسألة القانونية المطروحة لمعرفة القانون المختص بحكمها، و الثاني: هو الذي يتطلبه القانون الذي عينته قاعدة الإسناد بعد الاهتداء إليها،فالتكييف الأولي هو الذي يخضع لقانون القاضي،أما الثاني فيخضع للقانون الذي أشارت بتطبيقه قاعدة الإسناد.
و عليه لو عرضت على القاضي علاقة اتفاقية معينة فإنه يقوم بتكييفها وفقاً لقانونه،فإذا اهتدى إلى أنها تدخل ضمن فئة الالتزامات التعاقدية أخضعها لقانون الإرادة،و هذا هو التكييف الأولي،و به قد عرف القانون المختص بحكمها،و ينتهي هنا دور قانون القاضي ليأتي دور القانون المختص ليكيف لنا هذه العلاقة التعاقدية فيما إذا كانت عقد بيع أو عقد هبة،و إذا كانت عقد بيع،هل هو بيع تجاري أم بيع مدني و هكذا…
و قد كان بارتن يعتبر في البداية التكييف الثانوي استثناء من التكييف وفقاً لقانون القاضي،غير أنه عدل عن ذلك في أبحاثه اللاحقة و اعتبره نتيجة منطقية للأساس الذي بنى عليه نظريته و هي فكرة السيادة،ذلك أنه لما كان يتوقف على التكييف الأولي معرفة القانون الأجنبي المختص،و الذي تطبيقه يعد انتقاصاً للسيادة التشريعية للدولة،فإنه لا يمكن أن يتم إلا وفقاً لقانون القاضي لأن هذا الأخير هو وحده الذي يملك بيان قدر هذا الانتقاص من السيادة و حدوده،و أما التكييف اللاحق فلما كان لا علاقة له بالاختصاص التشريعي و لا أثر له عليه،فخضوعه للقانون الأجنبي لا مساس فيه بالسيادة التشريعية للدولة.
و قد أقر الفقه الحديث رأي بارتن الذي يميز بين التكييف السابق و التكييف اللاحق،لكن على أساس مختلف،فالتكييف الأولي عند هذا الفقه ما هو إلا تفسير لقاعدة الإسناد في قانون القاضي،و لهذا فمن المنطقي ألا يخضع إلا لهذا القانون،أما التكييف اللاحق فهو تفسير للقانون الأجنبي فمن المنطقي ألا يتم إلا وفقاً لهذا القانون.
و يقول الأستاذان لورسان و بورال أن التكييفات الثانوية ليست تكييفات دولية،و إنما هي تكييفات داخلية،و عليه لا يمكن اعتبارها استثناءاً حقيقياً من قاعدة خضوع التكييف لقانون القاضي.
2-مدى خضوع المال للتكييف وفقاً لقانون القاضي: يرى بارتن أن تكييف المال هل هو عقار أم منقول لا يخضع لقانون القاضي و إنما لقانون موقعه،و قد عد ذلك استثناءاً من التكييف وفقاً لقانون القاضي،و يبرر ذلك بما يحتاج إليه اكتساب الحقوق العينية من طمأنينة،و ما تتطلبه المعاملات من استقرار.
و الواقع أنه إذا كانت قاعدة الإسناد في قانون القاضي تخضع المال سواء كان عقاراً أو منقولاً إلى قانون موقعه فإن هذا الاستثناء الذي أورده بارتن لا مبرر له لأنه لا تأثير له على القانون المختص[21] الذي تعينه قاعدة الإسناد في قانون القاضي فيبقى دائماً هو نفسه بدون تغيير،و عليه فإن التكييف الذي يتم وفقاً لقانون موقع المال لا يعدو أن يكون في هذا الفرض من التكييفات اللاحقة التي سبق الحديث عنها.
و لكن إذا كان القانون المختص بحكم المال يختلف بحسب وصف هذا الأخير هل هو عقار أم منقول،كما هو الحال مثلاً في القانون الفرنسي الذي يخضع الميراث في المنقول لقانون موطن المتوفي،و الميراث في العقار لقانون موقعه،فإن هذا الاستثناء له حينئذٍ تأثير على القانون الذي يحكم المال محل النزاع إذ يختلف باختلاف القانون الذي يتم وفقه التكييف، و لذلك يعد هذا الاستثناء استثناءاً حقيقياً.
و قد انتقد جانب كبير من الفقه هذا الاستثناء على أساس أن سلامة المعاملات لا تتطلب بالضرورة الخروج على مبدأ خضوع التكييف لقانون القاضي،كما أن هذا الاستثناء من شأنه إعطاء لقاعدة الإسناد في قانون القاضي تفسيراً غير الذي أراده المشرع واضعها،ذلك أنه إذا كان المشرع قد أخضع العقار مثلا لقانون موقعه فإن التكييف الذي يتم وفقاً لقانون موقعه قد يجعل القاضي يطبق قانون الموقع على ما لا يعد عقاراً وفقاً لقانونه،و أخيراً فإن الأخذ بهذا الاستثناء سيكون صعباً لما يكون المال كائناً في إقليم أكثر من دولة و يختلف تحديد طبيعته من قانون إلى آخر مما يؤدي إلى تعدد قواعد الإسناد و تضاربها بشأن نفس النزاع[22].
و لكن النصوص القانونية الخاصة بالتكييف في القانون المقارن،لا تورد هذا الاستثناء صراحة،و كذلك لا يتضح هذا الاستثناء في قاعدة الإسناد المتعلقة بالقانون الواجب التطبيق على المال،و يعارضه كثير من الفقهاء،و مع ذلك فقد أخذ بهذا الاستثناء قانون الإمارات العربية المتحدة صراحة،فنصت الفقرة الثانية من المادة18 من القانون رقم5 لسنة 1985 على أن قانون الدولة التي يوجد بها المال هو الذي يحدد ما إذا كان هذا المال عقاراً أو منقول.[23]
3- تكييف الفعل الضار : هل هو مشروع أو غير مشروع و إذا كان غير مشروع فهل هو جريمة مدنية أو جزائية يخضع لقانون المكان الذي وقع الفعل في إقليمه،لأن اختصاص هذا القانون من النظام العام و تقتضيه العدالة.
4-إذا تعلق محل النزاع بنظام قانوني غير معروف في قانون القاضي كنظام الوقف الإسلامي و نظام التراست في القانون الانجليزي ،و هما نظامان غير معروفين في القوانين اللاتينية،وجب أن يخضع التكييف للقانون الأجنبي الذي يعرف هذا النظام و إلا شوهت الطبيعة القانونية لمحل النزاع.
5-التكييف و قاعدة الإسناد الواردة في معاهدة: التكييف وفقاً لقانون القاضي ينبغي أن يتجنب لما تكون قاعدة الإسناد واردة في معاهدة دولية لأنه يؤدي إلى الاختلاف في تحديد نطاقها (أي نطاق قاعدة الإسناد) نتيجة الاختلاف في التكييف من دولة متعاهدة إلى أخرى،و في ذلك تعطيل لأحكام المعاهدة و تحلل من أحكامها،و إدراكا لهذه الخطورة فإن أغلبية المعاهدات المبرمة في الوقت الحاضر تحرص على إعطائها بنفسها التكييفات الأساسية اللازمة.[24]
غير أن جانباً من الفقه لا يؤيد بارتان في الاستثناءات الأربعة الأولى،و يرى أن تطبيق قانون القاضي شامل لكل المسائل و إلا ترتبت نتائج عملية سيئة أحياناً،مثلاً في القانون الفرنسي يكيف المحل التجاري و مكاتب التوثيق على أنها منقولات بينما الأسهم التي يصدرها بنك فرنسا تعد من العقارات و يجوز رهنها رهناً تأمينياً،كذلك الإيرادات المرتبة تعد منقولات في القانون الفرنسي الحديث في حين كانت في القانون الفرنسي القديم و لا تزال في بعض القوانين الأجنبية من العقارات،كما أن البعض الآخر من الفقهاء يأخذ على رأي بارتان أن التوسع في تفسير القاعدة العامة يؤدي إلى قبول الاستثناءات الأخرى أو رفض الاستثناءات التي أقرها، و هذا على خلاف النظرية الثانية التي نعرضها فيما يلي:
الفرع الثاني:إخضاع التكييف إلى القانون الذي يحكم النزاع.
في الوقت الذي ظهرت فيه النظرية السابقة،وجدت نظرية عكسية صاغها و شيدها الفقيه الفرنسي “فرانتس ديسبانييه” (Frantz Despagnet)،يرد بها على أفكار الفقيه “بارتان” صاحب نظرية إخضاع التكييف لقانون القاضي.[25]و أيده باكسيوني(Paccioni) في إيطاليا و ولف (Wolf)في ألمانيا.[26]
لفيرى الفقيه “ديسبانييه” أن التكييف لا يجب أن يتم وفقاً لأحكام و مبادئ قانون القاضي،و لكن وفقاً لأحكام و مفاهيم القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع الذي أشارت إليه قاعدة الإسناد،فإذا كان القانون الواجب التطبيق على الشروط الموضوعية لإبرام الزواج هو قانون جنسية كل من الزوجين فيجب الرجوع إلى ذلك القانون لتحديد الوصف القانوني لشرط إشهار الزواج في حفل ديني دون الالتجاء إلى قانون القاضي.
و تستند هذه النظرية إلى ما يلي:
الحجة الأولى:أنه من غير المفهوم أن تشير قاعدة الإسناد إلى اختصاص قانون معين،ثم لا يطبق القاضي ذلك القانون،فالإسناد هنا إسناد كلي يستتبع تطبيق[27]القانون المسند إليه على التكييف و كل ما يتصل بالعلاقة محل النزاع.
الحجة الثانية:أن إجراء التكييف وفقاً لقانون القاضي قد يؤدي إلى تطبيق القانون الأجنبي في غير الحالات التي رسمها مشرعه ليطبق فيها،أو قد يقود على العكس،إلى عدم تطبيقه في الحالات التي يجب أن يطبق فيها،فترك التكييف للقانون الواجب التطبيق فيه ضمان لصحة تطبيق القانون الأجنبي.
إذا أشارت قاعدة التنازع في قانون القاضي إلى تطبيق قانون معين على علاقة قانونية وجب تطبيق هذا القانون على الحدود التي ينظم بها تلك العلاقة و بالمعنى الذي يقصده منها لأن لكل قانون تكييفاته الخاصة به،و في حالة عدم الأخذ بوجهة نظره فسوف تشوه العلاقة موضوع النزاع و تخلع عليها طبيعة تخالف ما هو مقرر لها و تكون النتيجة هي إما تطبيق القانون الأجنبي على علاقة هو غير مختص بحكمها أصلاً و إما أن يعطل عن التطبيق حيث كان يجب أن يطبق،[28]ففي ميراث المالطي لو أجرى القاضي الفرنسي تكييف النصيب المطالب به على أساس أنه داخل في النظام المالي للزوجين لطبق القانون المالطي،أما أنه اعتبر المسألة جزء من الميراث طبقاً للقانون الفرنسي فترتب على ذلك تعطيل تطبيق القانون المالطي،و كذلك الشأن بالنسبة لوصية الهولندي لو كيف القاضي منع إجراء الوصية في الشكل العرفي بأنه يتعلق بالأهلية و حماية الموصي لطبق القانون الهولندي و لقضى ببطلانها،أما أنه اكتفى باعتبار كتابة الوصية شرطاً لإثباتها و لا تمس الموضوع و هذا طبقاً للقانون الفرنسي لذلك أجازها على أساس أن شكل التصرفات يخضع لقانون بلد إبرامه.
الحجة الثالثة:أن إخضاع التكييف للقانون المختص بحكم النزاع يتلافى النتائج غير العادلة التي يقود إليها إجراء التكييف حسب قانون القاضي،خصوصاً إذا كانت المسألة القانونية المعروضة يعترف بها و ينظمها القانون الأجنبي المختص في حين أن قانون القاضي يجهلها،ففي قضية ميراث المالطي،لو كيف القاضي الفرنسي (نصيب الزوج المحتاج) حسب أحكام القانون المالطي،لتوصل إلى تقريره للزوجة.
و رغم وجاهة أسانيد تلك النظرية،إلا أنها واهية الأساس:
حيث أن هذا الرأي انتقد لما ينطوي عليه من فساد و مصادرته على المطلوب، حيث أنه كيف يجرى التكييف حسب أحكام القانون المختص بحكم النزاع،في حين أن هذا القانون لم يعرف بعد،باعتبار أن التكييف عملية أولية لعمل قاعدة الإسناد و للكشف عن ذلك القانون،[29]فهو افترض مسبقاً اختصاص قانون معين لحكم النزاع مع أن اختصاصه قبل إجراء التكييف احتمالي فقط،ما دام تعيين القانون المختص يتوقف على نتيجة التكييف،و ما دام التكييف لم يحصل بعد لذلك يبقى تعيين القانون المختص غير مؤكد بعد،و من ثم فإن هذا الرأي فيه مصادرة على المطلوب و كذلك أن إعمال هذا الرأي يؤدي إلى الدوران في حلقة مفرغة ليس لها بداية،مثلا في وصية الهولندي فإن النزاع منصب حول مسألة مختلفة في طبيعتها،ما هي الحكمة من منع إجراء الوصية في الشكل العرفي،هل المسألة خاصة بالأهلية أو بالشكل؟ أي قانون يكيف هذا المنع هل هو قانون الأهلية أي قانون الجنسية أم قانون الشكل أي القانون المحلي،إذا فضلنا أحد القانونين أمكن التساؤل لماذا لم نأخذ بالقانون الآخر؟
و هنالك انتقاد آخر مستمد من طبيعة قواعد التنازع،فهذه القواعد هي قواعد وطنية بحتة و لا يتصور تنازل المشرع الوطني لفائدة القانون الأجنبي لتحديد مجال تطبيقها،فحينما ينص المشرع الوطني على أن الميراث يخضع لقانون جنسية المورث أو أن الشكل يحكمه قانون محل الإبرام،فهو يقصد بالميراث أو الشكل مفهومهما طبقاً للقانون الوطني و حسب التصور الذي يعطيه لهما،لا كما يحدده قانون جنسية المورث في الحالة الأولى أو قانون محل الإبرام في الحالة الثانية.
كما قدم الفقه انتقاداً آخر مؤداه أن إخضاع التكييف إلى القانون الأجنبي المختص فيه مضيعة للوقت إذا كان قانون القاضي يأخذ بالإحالة كأن يكيف القانون الأجنبي المختص المسألة بأنها من الأهلية و يسندها من جديد إلى قانون القاضي باعتباره قانون الموطن أو قانون الجنسية،و بالتالي لماذا هذا اللف و الدوران،و إذا كان قانون القاضي لا يأخذ بالإحالة فكيف يمكن التخلص من مأزق الإحالة.[30]
و يرى أيضاً بعض الفقهاء أن هذا الرأي له عيوبه و مساوئه حين تتوزع نقاط تركيز العلاقة القانونية بين عدة قوانين،مثلاً أن تركيز العقد خاضع لنقاط ارتكاز مادية متنوعة قد تكون موزعة بين عدة أقاليم الأمر الذي يتطلب تحديد نقاط التركيز الرئيسية،و في هذه الحالة ليس هناك أي قانون مختص مسبقاً مما يسمح بتدخل قانون القاضي لإعطاء التوجيهات عن طريق التكييف،و من ناحية أخرى،نرى أن هذه النظرية تعجز عن[31]تقديم الحل المناسب في الفرض الذي يوجد فيه نظام قانوني أو مسألة قانونية معينة لا يعرفها القانون المختص بحكم النزاع،في حين يعترف به و ينظمه قانون القاضي فإجراء التكييف وفقاً للقانون المختص سيقود حتماً إلى طريق مسدود لا مخرج منه إلا بالرجوع إلى قانون القاضي.
و قد حذت هذه الانتقادات البعض من الفقه إلى اختيار حل آخر.
الفرع الثالث:إجراء التكييف وفقاً للقانون المقارن.
ظلت النظريتان السابقتان تتنازعان الفقه إلى أن جاء الفقيه الألماني “أرنست رابل”(Rabel) و وضع نظريته في التكييف:
و تقضي هذه النظرية،بأن على القاضي عند إعماله لقاعدة الإسناد و عند تحديد التكييف القانوني للمسألة المثارة أن يتجه عالمياً،و أن يجري هذا الوصف وفقاً لمفاهيم عالمية،دون التقيد في ذلك بمفاهيم قانون معين بذاته كقانون القاضي أو القانون المختص بحكم النزاع،فقواعد الإسناد تهم العلاقات الدولية و تحديد الأوصاف القانونية التي تضمنها يجب توحيدها باعتماد الأفكار العالمية المجردة السائدة في القانون المقارن،فينبغي أن يكون الوصف القانوني الذي تتضمنه الفكرة المسندة هو الفكرة المجردة لذلك النظام القانوني المعمول به عالمياً بمقارنة قوانين الدول المختلفة و ليس هو النظام المقرر في هذا القانون أو ذلك،[32]و سبيل القاضي إلى ذلك هو الالتجاء إلى القانون المقارن،أي على القاضي أن يقوم بالدراسة و المقارنة بين قوانين الدول المختلفة و استخلاص أفكار و مفاهيم ذاتية خاصة مشتركة بين تلك القوانين يجري التكييف وفقاً لها.
و هناك عدة حجج تدعم أساس هذه النظرية:
الحجة الأولى:أن التكييف في قانون العلاقات الخاصة الدولية أو القانون الدولي الخاص ليس هو التكييف في[33]القانون الداخلي،و بالتالي يجب أن يتم التكييف حسب أفكار و مبادئ تتفق مع خصوصية هذا الفرع من فروع القانون الذي يتسم بالدولية،و يكون من غير الملائم أن تطبق الأحكام الداخلية الخاصة بالتكييف على رابطة من طبيعة مختلفة.
الحجة الثانية:أن قاعدة الإسناد وضعت لتواجه علاقات ذات طبيعة معينة و هي العلاقات الدولية.
و لما كان التكييف هو تفسير لقاعدة الإسناد فيكون من غير المستساغ أن يلجأ القاضي إلى مفاهيم وطنية لتحقيق غاية دولية و سد حاجة عالمية،و المفاهيم العالمية لا تتأتى إلا من خلال القانون المقارن.
الحجة الثالثة:أن إجراء التكييف وفقاً للقانون المقارن يؤدي إلى تلافي عيوب النظريتين السابقتين لاسيما في الفرض الذي يواجه فيه القاضي نظاماً أو مسألة قانونية يجهلها قانونه،أو القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع.
و هذه الحجج غير قاطعة و لا يمكن التسليم بها، فمن ناحية نجد أن هذه النظرية تصطدم بصعوبة عملية،خصوصاً مع عدم تقدم الدراسة المقارنة للقانون بفروعه المختلفة،و يكون من غير الملائم أن نثقل كاهل القاضي بمهمة شاقة يتولى خلالها دراسة كافة قوانين العالم،فهذا ضرب من المستحيل.
و من ناحية أخرى،يكون القاضي المختص مهيأ نفسياً [34]لإجراء التكييف وفقاً لقانونه و لا يمكن بحال أن نطلب من القاضي أن يتخلى نفسياً عن الميل إلى قانونه لصالح القوانين المختلفة المزعوم إجراء المقارنة بينها.
و إن كان هذا الرأي يهدف إلى تحقيق مثل عليا و إيجاد طريقة مشتركة للتكييف توحيداً للمفاهيم القانونية الأساسية التي تعد أسساً للعلاقات الدولية الخاصة،و من شأنه القضاء على مشكل تنازع التكييفات بتوحيد المفاهيم القانونية للفئات المسندة[35]،إلا أنه رأي بعيد المنال و التحقيق من الناحية العملية لما يتطلبه من تجرد و تضحية بالاعتبارات الوطنية،و هو الشيء الذي لا تتنازل عنه مختلف الأنظمة الوطنية في الوقت الراهن حيث أصبحت دراسة مسائل القانون الدولي الخاص هي دراسة وطنية أكثر منها دراسة عالمية.
الفرع الرابع:موقف الفقه الحديث.
و يتلخص في إعطاء دور للقانون الأجنبي في عملية التكييف وفقا لقانون القاضي و التوسع في مضمون الفئات المسندة.
حيث يأخذ الاتجاه الفقهي الحديث بقاعدة التكييف وفقا لقانون القاضي لكن دون إهمال للدور الذي يمكن أن يلعبه القانون الأجنبي في عملية التكييف،كما أنه قام بتوسيع مضمون الفئات المسندة لتكون متلائمة مع طبيعة المسائل القانونية ذات الطابع الدولي.
و هذا التطوير في نظرية “بارتن” يرجع إلى رغبة الفقه الحديث في تجنب الانتقادات الموجهة لها،منها على الخصوص:
-وقوفها حجرة عثرة أمام كل جهد لتوحيد القانون الدولي الخاص ذلك أنه حتى على فرض أن كل الدول قد تبنت نفس قواعد الإسناد فإنه نتيجةَ التكييف وفقا لقانون القاضي فإن نفس المسألة القانونية نجدها تُدرج في فئات مختلفة.
-قصورها عن الإحاطة بالفرض الذي يواجه فيه القاضي علاقة مجهولة عن قانونه كما واجه مثلا القضاء الفرنسي ما يسمى في القانون المالطي “نصيب الزوج المحتاج” فهو نظام غريب و مجهول في القانون الفرنسي.
أ-دور القانون الأجنبي في عملية التكييف.
لتكييف نظام قانون معين يقوم القاضي بتحليله للكشف عن ملامحه الأساسية ليهتدي إلى حقيقة طبيعته التي تسمح له بإدراجه في إحدى الفئات المسندة في قانونه.
و لا يمكن للقاضي أن يجري هذا التحليل إذا كان النظام القانوني الذي يقوم بتحليله أجنبياً إلا وفقاً للقانون الأجنبي الذي نص على هذا النظام،و كل تحليل له وفقا لقانونه (القاضي) من شأنه تشويهه.
و عليه فإن ما يسمى بنصيب الزوج المحتاج لا يمكن تحليله إلا وفقا للقانون المنصوص عليه فيه و هو القانون المالطي.
و بعد أن يقوم القاضي بتحليل النظام القانوني وفقا للقانون المنصوص عليه فيه يأتي دور الحكم أو القرار،و الذي يعني تصنيف هذا النظام في إحدى الفئات المسندة في قانونه أي قانون القاضي،فبذلك نرى أن عملية التكييف كما أوضح ذلك كل من “باتيفول” و “لاقارد” في مطلولهما تمر في مرحلتين:مرحلة التحليل و تتم وفقا للقانون الأجنبي الذي يعرف القاعدة محل التكييف،و مرحلة الحكم أو القرار و تتم وفقاً لقانون القاضي.
ففي مثال ميراث المالطي السابق الذكر فإن القاضي بعد أن يكون قد قام بتحليل ما تطلبه زوجة المتوفي من حق على عقارات هذا الأخير و المسمى بنصيب الزوج المحتاج وفقا للقانون المالطي،يقوم بتصنيفه وفقاً لقانونه في إحدى الفئات المسندة المنصوص عليها فيه،و لا يهم القاضي نوع الفئة التي يصنفها فيها القانون المالطي.
و يوضح لنا “باتيفول” و “لاقارد” ذلك بالمثال التالي فقبل التعديل الذي تم في ألمانيا (قانون 9 أوت 1969)،و في فرنسا (قانون 3 جانفي 1972) لما كان القانون الألماني يعتبر أن للولد الطبيعي الحق في المطالبة من الشخص الذي يزعم أنه انحدر منه دفع مبلغ من المال،فإنه على القاضي الذي يطرح أمامه هذا الطلب أن يبحث في القانون الألماني فيما إذا كان هذا الحق المخول للولد الطبيعي له صفة التعويض أو صفة النفقة المؤسسة على النسب،فإذا انتهى أن له صفة النسب ألحقه بفئة النسب في قانونه،و لا يهمه التصنيف الذي يعطيه له القانون الألماني،سواء أكان مطابقاً لقانونه أم لا.
و نشير إلى أن القضاء الألماني قد تبنى هذا الاتجاه بوضوح كامل،فقد جاء في حيثيات حكم للمحكمة العليا هناك أنه “إذا كان الأمر يتعلق بالتقادم المنصوص عليه في القانون الأجنبي و الذي يجهله القانون الألماني،فإن معناه و حقيقته ينبغي أن تتحدد بالنظر إلى هدفه و آثاره في القانون الأجنبي،لكي يتسنى بعد ذلك إدراجه في إحدى الفئات المسندة في القانون الدولي الخاص الألماني .[36]
ب-التوسع في مفهوم الفئات المسندة.
الغرض من التكييف هو تصنيف العلاقة القانونية الأجنبية في إحدى الفئات المسندة المنصوص عليها في القانون الداخلي،لكن قد يحدث و أن تكون العلاقة غير معروفة في قانون القاضي مما يجعل من الصعوبة إدراجها في إحدى الفئات المسندة المنصوص عليها فيه.
و لذلك يرى الفقه الحديث بأنه لا مناص من التوسع في مفهوم الفئات الداخلية لتشملها،ففرنسا مثلا تعترف فقط الزواج الأحادي.
فإذا ما طرح على القاضي نظام للزواج مخالف له يعترف مثلا بتعدد الزوجات،فعليه أن يتوسع في مفهوم الزواج عنده ليشمل هذا النظام الغريب عنه،و كذلك إذا ما طرحت عليه مسألة طلاق بالإرادة المنفردة المجهولة في نظامه فعليه أن يوسع من مفهوم الطلاق المعترف به في قانونه ليشملها،و هكذا…
و بذلك نرى أن الفقه الحديث قد أخرج نظرية “بارتن” من إطارها الضيق و جعلها بمفهومها الحديث تتجنب ما وجه إليها من نقد،فمن هنا جعل في إمكان القاضي قبل التكييف وفقا لقانونه القيام بتحليلها وفقا للقانون الذي نص عليها للكشف عن عناصرها الأساسية قصد معرفة طبيعتها التي تسمح له بإعطائها الوصف القانوني الصحيح،و من جهة أخرى قال بالتوسيع في الفئات المسندة الداخلية لتشمل أنظمة قانونية أجنبية غير معروفة،فأصبحت بذلك نظرية “بارتن” بمفهومها الحديث مستجيبة للاعتبارات الدولية،و متجنبة ما اتهمت به من المغالاة في الوطنية.[37]
المطلب الثاني:موقف التشريع من التكييف.
نعرض في هذا المطلب إلى موقف التشريعات المقارنة الغربية و العربية من التكييف،و أخيراً ماذهب إليه المشرع الجزائري بهذا الخصوص.
الفرع الأول: التكييف في التشريع المقارن.
من العرض السابق يمكن أن نؤكد بأن النظرية الأولى التي تخضع التكييف لقانون القاضي قد كتب لها البقاء،و الحل الذي تقرره هو السائد في الأنظمة القانونية المقارنة،و نذكر منها القانون الفرنسي،الإيطالي،الإنجليزي و الأمريكي…
و قررته صراحة المادة 12 فقرة 1 من الباب التمهيدي للقانون المدني الإسباني المضاف بالمرسوم الصادر في ماي 1984 ،و المادة 3 من مجموعة القانون الدولي الخاص المجري لعام 1979. [38]
و أنها مستقرة فقها و قضاءاً و تشريعاً تبنتها أغلب الدول الأوربية و الأنجلوسكسونية و نصت عليها أيضاً بعض المعاهدات الدولية في القانون الدولي الخاص مثل تقنين بوستامنت بين دول أمريكا اللاتينية،إلا أن بعض الدول مثل اليونان و ألمانيا أغفلت النص عليها،معتبرة التكييف من قبيل التفسير، و دول أخرى اشتراكية (سابقاً) مثل الإتحاد السوفياتي و بولونيا و تشيكوسلوفاكيا تجاهلتها أصلاً،و لعل ما دعاها لذلك هو إعطائها لخضوع التكييف لقانون القاضي مفهوماً سياسياً،فكانت تعتقد أن دول الاقتصاد الحر تعتبر هذه القاعدة وسيلة لمسخ و إنكار النظم الاشتراكية بقصد الانحراف بمضمونها،و لكن الفقه السوفييتي في مرحلة لاحقة أخذ بالتكييف و طبق عليه أحياناً قانون القاضي و مرات أخرى القانون المختص بالنزاع.
و نصت القوانين العربية على التكييف أيضاً و أخضعته لقانون القاضي،فجاء في المادة التاسعة من التقنين المدني الجزائري ما يلي: “إن القانون الجزائري هو المرجع في تكييف العلاقات المطلوب تحديد نوعها عند تنازع القوانين لمعرفة القانون الواجب التطبيق”.[39] و نص المشرع المصري في المادة10 من القانون المدني على أن “القانون المصري هو المرجع في تكييف العلاقات عندما يطلب تحديد نوع هذه العلاقات في قضية تتنازع فيها القوانين لمعرفة القانون الواجب التطبيق من بينها”.[40]
و إن كان هذا النص و النصوص العربية المقابلة له،قد أخضع التكييف مبدئياً لقانون القاضي،إلا أنه من الأجدر التأكيد على بعض المسائل بشأنه لاسيما في التشريع الجزائري،وهذا ما سنتناوله فيما يأتي:
الفرع الثاني: التكييف في التشريع الجزائري.
جاء في المادة 9 من القانون المدني الجزائري “يكون القانون الجزائري هو المرجع في تكييف العلاقات المطلوب تحديد نوعها عند تنازع القوانين لمعرفة القانون الواجب تطبيقه”.
يتضح من هذا النص أن المشرع الجزائري قد أخضع التكييف لقانون القاضي،فيكون بذلك قد تبنى رأي “بارتن” في التكييف.
و يلاحظ بأن هذه المادة قد اقتصرت التكييف وفقا لقانون القاضي على التكييف الذي غرضه “معرفة القانون الواجب تطبيقه”،فبذلك قد استبعدت التكييفات اللاحقة لأنها لا علاقة لها بالاختصاص التشريعي و تدخل في إطار تطبيق القانون الأجنبي المختص.
فبذلك يكون المشرع الجزائري قد أخذ بالتمييز الذي قال به “بارتن” بين التكييف السابق أو الأولي و التكييف اللاحق،فالأول دون الثاني هو الذي يخضع حسب “بارتن” لقانون القاضي.
و يلاحظ أيضاً بأن هذه المادة لم تتعرض إلى الاستثناء الذي أورده “بارتن” بشأن الأموال بإخضاع تكييفها لقانون موقعها . [41]و لكن بالرجوع للمادة المادة 17 معدلة[42] من القانون المدني و نصها ” يخضع تكييف المال سواء كان عقارا أو منقولا لقانون الدولة التي يوجد فيها. يسري على الحيازة و الملكية و الحقوق العينية الأخرى قانون موقع العقار، و يسري على المنقول المادي قانون الجهة التي يوجد فيها وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب الحيازة أو الملكية أو الحقوق العينية الأخرى أو فقدها”،فقد أدخلت استثناءاً على هذه القاعدة مقررة إخضاع تكييف المال كونه عقاراً أو منقولاً لا إلى قانون القاضي و إنما لقانون الدولة التي يوجد فيها،و تظهر أهمية التفرقة بين المنقول و العقار في القانون الجزائري في مجال العقود حيث تخضع كأصل عام لقانون الإرادة بينما تخضع العقارات لقانون موقعها.[43]
كذلك بالرجوع للمادة 21″و نصها لا تسري أحكام المواد السابقة إلا حيث لا يوجد نص على خلاف ذلك، في قانون خاص أو معاهدة دولية نافذة في الجزائر”و بما أن المادة 9 توجد ضمن المواد التي أشارت إليها المادة 21 يستخلص من أنه إذا نصت معاهدة دولية على القانون الذي يحكم التكييف في أحكامها، فعلى القاضي أن يجري التكييف وفقا لهذه الأحكام، أما إذا لم تنص المعاهدة على ذلك فهناك رأيان:
الرأي الأول: يقول بالتكييف وفقا لقانون القاضي لأن المعاهدة تدمج في النظام القانوني الداخلي للقاضي و بالتالي يكون التكييف وفقا لقانونه.
الرأي الثاني: يقول بالتكييف وفقا للإرادة المشتركة للأطراف المتعاقدة .
إن الاختلاف في التكييف يؤدي إلى تعطيل المعاهدة و التحلل منها، و تجدر الملاحظة أيضاً أن هناك من لا يعتبر المعاهدة استثناء أمثال الدكتور علي علي سليمان.[44]
و لا توجد في صياغة المادة 09 ما يمنع من التوسيع في مفهوم الفئات المسندة لتشمل الأنظمة القانونية الأجنبية غير المعروفة.
لكن ما يعيب هذا النص هو عدم تركه للقانون الأجنبي مجالاً لتحليل نظام قانوني أجنبي غريب عن القانون الجزائري للكشف عن ملامحه الأساسية للاهتداء إلى حقيقة طبيعته التي تسمح للقاضي بإدراجه في إحدى الفئات المسندة في قانونه،و من شأن هذا العيب أن يؤدي في كثير من الأحيان إلى تشويه الأنظمة القانونية الأجنبية و إعطائها طبيعة مخالفة لتلك التي أرادها المشرع(الأجنبي) الذي نص عليها في قانونه،و هذا ما دفع كما أوضحنا ذلك سابقاً بالفقه الحديث المؤيد لنظرية بارتن إلى القول بضرورة الاستعانة في التكييف بالقانون الأجنبي. [45]
من إعداد الصفحة: .
هوامش:
[1] :زروتي الطيب،القانون الدولي الخاص الجزائري،ج 1،بدون طبعة،مطبعة الكاهنة،الجزائر،2004،ص88 .
[2] : زروتي الطيب ،مرجع سابق،ص89، 90.
[3] : عبد الرسول عبد الرضا الأسدي،أحكام التنازع الدولي للقوانين،ط1،منشورات الحلبي الحقوقية،بيروت،لبنان،2012،ص 43، 44، 45.
[4] :أعراب بلقاسم، القانون الدولي الخاص الجزائري،ج1،ط13،دار هومه،الجزائر،2013، 76.
[5] : زروتي الطيب ،مرجع سابق،ص91.
[6] : بيار ماير،فانسان هوزيه ، القانون الدولي الخاص ،ط1،مجد المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع،بيروت،لبنان،2008،ص155.
[7] : زروتي الطيب ،مرجع سابق،ص92.
[8] : حكم محكمة استئناف الجزائر في 24 ديسمبر 1889 منشور في مجلة كلينية 1891 صفحة 1171،أنظر أحمد عبد الكريم سلامة،التنازع الدولي للقوانين،بدون طبعة،دار النهضة العربية،القاهرة،جمهورية مصر العربية،بدون سنة نشر،ص170،171.
[9] : بيار ماير،فانسان هوزيه ،مرجع سابق،ص158.
[10] : زروتي الطيب ،مرجع سابق،ص 93.
[11] : بيار ماير،فانسان هوزيه ،مرجع سابق،ص166.
[12] : زروتي الطيب ،مرجع سابق، 94.
[13] :الأستاذ بن عصمان،محاضرات في مقياس القانون الدولي الخاص،السنة الثالثة قانون خاص،جامعة تلمسان،الجزائر،2014.
[14] : و ذلك في مقال كتبه سنة 1897 في مجلة (Clunet) تحت عنوان “مشكلة التكييفات”،أنظر أعراب بلقاسم،مرجع سابق،ص79.
[15] : أحمد عبد الكريم سلامة،مرجع سابق،ص 169 .
[16] : حكم محكمة استئناف الجزائر في 24 ديسمبر 1889 منشور في مجلة كلينية 1891 صفحة 1171،أنظر أحمد عبد الكريم سلامة،مرجع سابق،ص 170.
[17] : أحمد عبد الكريم سلامة،مرجع سابق،ص 171.
[18] : زروتي الطيب ،مرجع سابق،ص 96.
[19] : أحمد عبد الكريم سلامة،مرجع سابق،ص 172.
[20] : زروتي الطيب ،مرجع سابق،ص 96.
[21] :أعراب بلقاسم،مرجع سابق،ص83، 84.
[22] :أعراب بلقاسم،مرجع سابق،ص85.
[23] : زروتي الطيب ،مرجع سابق،ص 97.
[24] :أعراب بلقاسم،مرجع سابق،ص86.
[25] : أحمد عبد الكريم سلامة،مرجع سابق،ص 173.
[26] : زروتي الطيب ،مرجع سابق،ص 95.
[27] : أحمد عبد الكريم سلامة،مرجع سابق،ص 173.
[28] : زروتي الطيب ،مرجع سابق،ص94 .
[29] : أحمد عبد الكريم سلامة،مرجع سابق،ص 174.
[30] : زروتي الطيب ،مرجع سابق،ص 95.
[31] : أحمد عبد الكريم سلامة،مرجع سابق،ص 174.
[32] : زروتي الطيب ،مرجع سابق،ص 99.
[33] : أحمد عبد الكريم سلامة،مرجع سابق،ص 175.
[34] : أحمد عبد الكريم سلامة،مرجع سابق،ص 176.
[35] : زروتي الطيب ،مرجع سابق،ص 99.
[36] : أعراب بلقاسم،مرجع سابق،ص ص90،92 .
[37] : أعراب بلقاسم،مرجع سابق،ص92، 93.
[38] : أحمد عبد الكريم سلامة،مرجع سابق،ص 177 .
[39] : زروتي الطيب ،مرجع سابق،ص 100.
[40] : أحمد عبد الكريم سلامة،مرجع سابق،ص 177.
[41] :أعراب بلقاسم،مرجع سابق،ص94.
[42] :معدلة بموجب قانون رقم:05-10 مؤرخ في 20 يونيو 2005.
[43] :الأستاذ بن عصمان،مرجع سابق.
[45] :أعراب بلقاسم،مرجع سابق،ص94.

دراسة و بحث قانوني عن التكييف في تنازع القوانين

التكييف في تنازع القوانين | Adaptation in conflict of laws
دراسة في قانون العلاقات الخاصة الدولية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
م. عبدالرسول كريم أبوصيبع
مدرس القانون الدولي الخاص
كلية القانون / جامعة الكوفة

اعادة نشر بواسطة محاماة نت

المقدمة
تتعدد نشاطات الإنسان ولاسيما في علاقاته مع غيره من بني البشر ومن هذه العلاقات ما ينظمها القانون وهي العلاقات القانونية وفي أحيان كثيرة يكون القضاء هو الجهة التي تفصل في النزاعات الناشئة عن هذه العلاقات فإذا كانت العلاقة القانونية في عناصرها الثلاثة : الأشخاص ، المحل ، والمصدر هي وطنية بحتة أي تنتمي إلى الدولة التي يتبع لها القاضي فهذه العلاقة تخرج عن نطاق تنازع القوانين بل وعن قانون العلاقات الخاصة الدولية وهي ليست موضوع بحثنا .

أما إذا شاب أحد عناصر العلاقة القانونية عنصرٌ أجنبي كأن ينتمي أحد أطرافها إلى دولة أجنبية مثل أن يكون البائع في عقد البيع أجنبياً فهنا يُتصور أن يتنازع حكم العلاقة القانونية أكثر من قانون تبعاً لإنتماء عناصر العلاقة لأكثر من دولة وهو ما يطلق عليه بــ ( تنازع القوانين ) والآلية المتبعة لحل هذا التنازع هي قواعد الإسناد في تشريع الدولة التي ينتمي إليها القاضي الذي ينظر النزاع .

ولا يمكن الوصول إلى تعيين قاعدة الإسناد ما لم يُسبغ على موضوع النزاع الوصف القانوني الصحيح وهو ما يسمى بعملية ( التكييف أو التصنيف ) ، التكييف هذا هو الذي سيكون موضوع دراستنا فنبحث في تعريفه وما يرد عليه ووفقاً لأي قانون يتم وذلك في مبحثين وخاتمة .

المبحث الأول : تعريف التكييف ومحله

نعرض في هذا المبحث لتعريف التكييف وما يرد عليه وذلك في مطلبين .

المطلب الأول : تعريف التكييف

التكييف هو تحديد الوصف القانوني ، وهو في تنازع القوانين يُقصد به : تحديد الوصف القانوني الصحيح لموضوع النزاع تمهيداً لإسناده لقانون معين (1).

فلا يمكن تطبيق قواعد الإسناد في دولة القاضي المعروض أمامه النزاع ما لم يقم القاضي بعملية أولية سابقة وهي تحديد الوصف القانوني الصحيح لموضوع النزاع وإرجاعه ( رده ) إلى إحدى النظم أو الطوائف القانونية التي حدد المشرع لكل منها قاعدة إسناد تخصها ومثالها الأهلية ، الشروط الشكلية للعقد ، الشروط الموضوعية للعقد ، المسؤولية التقصيرية وهكذا .

لذا فالتكييف عملية لازمة لابد أن يقوم بها القاضي فيما يخص مختلف النزاعات مدنية أم جنائية أم إدارية(2) لكنه هنا يقوم بتحديد الوصف القانوني ( التكييف ) لموضوع النزاع تمهيداً لتطبيق الحكم الموضوعي في القانون المدني أو الجنائي ومثاله فيما يخص العقد لابد من أن يكيف هذا العقد ما إذا كان عقد بيع أم إيجار ويطبق بعدها الأحكام الموضوعية التي تحكم عقد البيع مثلاً إذا إستنتج من خلال التكييف أنه عقد بيع (3).

في حين إن هدف التكييف في تنازع القوانين هو تحديد الوصف القانوني لموضوع النزاع الذي يخص علاقة قانونية مشوبة بعنصر أجنبي وذلك لأجل ردها إلى إحدى الطوائف القانونية التي حدد المشرع في دولة القاضي لكل منها قاعدة إسناد ومن ثم تطبيق الأحكام الموضوعية في القانون المختص الذي أشارت إليه قاعدة الإسناد .

وهذا – بالتحديد – ما أشار إليه التعريف الذي تقدم ذكره ، ومن المهم ملاحظة أن إيراد تعبير ( موضوع النزاع ) في التعريف كان مقصوداً لأن ما يرد عليه التكييف ( موضوع التكييف ) كان محلاً لخلاف فقهي وهو ما سوف نبحثه في المطلب الثاني .

المطلب الثاني : موضوع التكييف

بحث موضوع التكييف يعد مسألة جوهرية في التكييف وقد كان مجالاً لجدل فقهي واسع ، وتوزعت الإتجاهات الفقهية فيه إلى إتجاهين رئيسين سنبحثهما في مطلبين ونخصص الثالث للرأي المختار .

أولاً : موضوع التكييف هو علاقة أو نظام قانوني

ويذهب البعض (4) إلى أن ا لقاضي إنما يقوم بتكييف العلاقات القانونية ويردها إلى إحدى الفئات القانونية التي خصص لها مشرعه قاعدة إسناد ومثال العلاقات القانونية : الزواج ، الطلاق ، العقد ، الفعل الضار ، الوصية ، الأهلية وغيرها .

فالقاضي يكيف العلاقات القانونية وليس الوقائع .

ويذهب البعض الآخر (5) إلى أنه يجب أن يكون محل التكييف هو ( النظام القانوني ) الذي تدخل في نطاقه العلاقة القانونية .

ومثال العلاقة القانونية ( العقد )، فلو أن عقداً أبرم في فرنسا من قبل إمرأة أمريكية متزوجة وذلك من دون إذن زوجها (( فإذا كيفنا العلاقة القانونية وحدها ( التعاقد بدون إذن ) لوجدنا أنها تتعلق بالأهلية ، والأهلية بحسب قاعدة تنازع القوانين الفرنسية تخضع لقانون الجنسية ، وقانون الجنسية وهو ( القانون الأمريكي . . ) يبيح هذا التعاقد ولا يحرمه . فإذا كيفنا هذه العلاقة بإعتبارها داخلة في نظام قانوني معين ، وهو مدى أهلية المرأة المتزوجة ، لوجدنا أن الحل يختلف ، إذ يمكن القول بأن هذا النظام يرتكز على إعتبارات إجتماعية وعائلية تستهدف حماية أموال العائلة وتركيز إدارة الشؤون العائلية في الزوج وإحترام سلطانه فهي تتعلق إذن بالنظام العام ، ومن ثم يجب تطبيق أحكام القانون الفرنسي وهي لا تجيز للمرأة المتزوجة التعاقد بدون إذن زوجها )) (6).

ثانياً : موضوع التكييف هو الوقائع

ويذهب هذا الرأي إلى أن محل التكييف هو الوقائع التي يشتمل عليـها النزاع المعروض أمام القاضي وهذا
(( النزاع لا يعدو أن يكون مجرد وقائع طالما لم يتم إعطاؤه وصفاً قانونياً معيناً )) (7) وبهذا الوصف يتم رد هذه الوقائع إلى إحدى الفئات القانونية التي خصص المشرع لكل منها قاعدة إسناد تحدد القانون المختص بشأنها .

ثالثاً : الرأي المختار

بعد عرض الإتجاهات السالفة في محل التكييف يمكن القول بأن تحديد معنى الواقعة القانونية يسهم في التوصل إلى الحل الدقيق .

فالواقعة القانونية هي الواقعة أو الفعل المادي الذي يرتب القانون عليه أثراً قانونياً مثل واقعة الإستيلاء على الأرض والأثر هو تملك هذه الأرض وواقعة الوفاة والأثر هو الميراث (8) .

والواقعة القانونية بالمعنى العام تشمل العمل القانوني وهو إتجاه الإرادة لإحداث أثر قانوني ومثالها إتجاه إرادة البائع لنقل ملكية المبيع إلى المشتري وإستلام الثمن وإتجاه إرادة المشتري لقبض المبيع وتسليم الثمن (9) .

لذل فكل ما يرتب عليه القانون أثراً قانونياً يعد واقعة قانونية سواء كان فعلاً مادياً أو عملاً قانونياً .

فمحل التكييف في نطاق تنازع القوانين هو الوقائع التي يرتب قانون القاضي عليها أثراً قانونياً ومن ثم فهي تدخل في إحدى الطوائف أو الفئات القانونية التي خصص المشرع في دولة القاضي لكل منها قاعدة إسناد مثل الأهلية وشكل التصرف وغيرها فبعد قيام القاضي بعملية التكييف عليه أن يطبق قاعدة الإسناد ويحدد القانون المختص الذي يحكم هذه الوقائع .

ففي قضية وصية الهولندي (10) بحث القاضي ( الفرنسي ) المعروض أمامه النزاع ليس واقعة الوصية بما هي واقعة يرتب القانون الفرنسي عليها أثراً قانونياً ومعروفة لديه وقد خصص لها قاعدة إسناد هي إخضاعها لقانون الدولة التي ينتمي إليها الموصي بجنسيته وهو ( القانون الهولندي ) بل بحث في موضوع آخر – وإن تضمنته طلبات الخصوم – وهو ( إجراء الوصية بالشكل العرفي الخطي وهل يعد من مسائل الشكل أم الأهلية ) وقام بتكييفه ضمن مسائل الشكل التي تحكمها قاعدة الإسناد ( إخضاع الشكل إلى قانون دولة محل الإبرام ) وهو ( الفرنسي ) لأن الوصية أبرمت في فرنسا .

وببيان أكثر في الوصية المكتوبة بالشكل العرفي الخطي هل يبحث القاضي وينصب إهتمامه في التكييف على :
– الوصية نفسها ؟ أم
– شرط الرسمية الذي يشترطه قانون جنسية الموصي ؟

إن إختار القاضي الحل الثاني – وهو ما حصل فعلاً – فإنه يكون قد قام بتطبيق قاعدة إسناد هي غير القاعدة الواجبة التطبيق أصلاً والتي تخص الوصية إذ بحث في : هل أن هذا الشرط يدخل ضمن الأهلية أم الشروط الشكلية ولكل من الإثنين قاعدة إسناد هي غير قاعدة إسناد الوصية .

أي أن القاضي هنا قد طبق قانونه الوطني قبل أوان التطبيق وفي مناسبة التكييف وقضى بأن الوصية صحيحة وأن هذا الشرط يعد شرطاً شكلياً فهو قد مال بشكل واضح لتطبيق قانونه الوطني على حساب القانون الواجب التطبيق وهو ( القانون الهولندي ) فهذه القضية وإن دأب الفقهاء على إيرادها مثالاً تقليدياً للتكييف إلا إنها – في إعتقادي ووفقاً لمفهوم الواقعة القانونية – تعد إجتهاداً غير موفق وميلاً لتطبيق قانون القاضي في غير موضع التطبيق .

ولكن الأمر يعد مختلف تماماً إذا كان موضوع النزاع هو وقائع لا يعرفها قانون القاضي ولا يرتب عليها أثراً قانونياً ومثال ذلك قضية ( ربع الزوج المحتاج ) (11) .

فالأرملة التي تطالب بنصيبها من تركة زوجها وفقاً لنظام قانوني لا يعرفه قانون القاضي ( الفرنسي ) بل هو معروف فقط في قانون الدولة التي يحمل الزوج المتوفى جنسيتها ( المالطي ) فهنا لأجل تحديد الوصف القانوني الصحيح لإدعاء الزوجة هذا لابد من الرجوع إلى القانون الذي ينظم ذلك أي القانون المالطي والسؤال هو : هل إن هذا النصيب يُمنح للأرامل فقط ومن ثم يمكن عده من الميراث أم يُمنح للأرامل والمطلقات على السواء ومن ثم يعد من النظام المالي للزواج (12).

المبحث الثاني : القانون الذي يتم بموجبه التكييف

في هذا المبحث نتناول النظريات التي طرحت في بيان القانون الذي بموجبه يتم تكييف موضوع النزاع وإسناده إلى إحدى الفئات القانونية التي تنظمها قواعد الإسناد .
وفي الواقع قد طرحت نظريات ثلاث هي : الرجوع في التكييف إلى القانون المقارن ، والرجوع إلى القانون المختص نفسه الذي تشير بتطبيقه قواعد الإسناد وأخيراً التكييف وفقاً لقانون القاضي .

المطلب الأول : الرجوع في التكييف إلى القانون المقارن

وبموجب هذه النظرية التي قال بها الفقيه الفرنسي ( رابل ) يتم الرجوع في التكييف إلى القانون المقارن ، إذ إن قواعد الإسناد إنما تهدف إلى سد حاجة المعاملات الدولية ومن ثم فإن ما تنظمه هذه القواعد يجب أن يعطى معنى عالمياً من دون الإعتماد على المقصود منه وفقاً لقانون دولة معينة (13).

فلو أن قاعدة الإسناد في مسألة الأهلية تشير إلى تطبيق قانون الدولة التي ينتمي إليها الشخص بجنسيته فوفقاً لهذا الرأي يجب أن يكون المعنى المقصود من الأهلية متحدداً في ضوء القانون المقارن لا كما تُفهم الأهلية في قانون دولة معينة .

إن سد حاجة المعاملات الدولية من قبل قاعدة الإسناد هي حجة منطقية مضافاً إلى إن الرجوع إلى القانون المقارن سيخفف كثيراً عن كاهل القاضي ثقل تكييف موضوع لا وجود له في تشريعه الداخلي (14).

ولكن النجاح لم يكن حليف هذه النظرية إذ وجه إليها النقد من جهات عديدة :

1. أنها تصطدم بصعوبات عملية إذ إن فكرة القانون المقارن لم تتبلور بعد ولا زال هذا القانون في العموميــات (15).
2. ليس هناك من آليات محددة يعتمدها القاضي عند رجوعه إلى القانون المقارن ، ومن ذلك حالة وجود نظم قانونية متباينة لدول مختلفة تبايناً يصعب معه الترجيــــح ؟ وهل المقارنة تتم بين قوانين أو نظم قانونية ؟(16).
3. إن القاضي لم يواجه صعوبة في تكييف المسائل التي لم يتطرق إليها تشريعه الداخلي في قواعد الإسناد أخذاً بالمفهوم المرن لقانون القاضي ، فلم يتردد القاضي في مسألة الزواج الثاني مثلاً والذي تعرفه الشريعة الإسلامية أن يعده نوعاً من الزواج رغم أن تشريعه الداخلي لا يعرف هذا النظام (17).

المطلب الثاني : الرجوع إلى القانون المختص بموجب قاعدة الإسناد

وبموجب هذه النظرية والتي قال بها الفقيه الفرنسي ( دسبانييه ) ثم تبعه آخرون يتم الرجوع لأجل تكييف الفكرة المراد إسنادها وتحديد القانون المختص بشأنها إلى هذا القانون الأخير نفسه أي القانون الواجب التطبيق بموجب قاعدة الإسناد .

ويبرر أنصار هذه النظرية ما يذهبون إليه بأن القانون المختص والذي تشير بتطبيقه قاعدة الإسناد في قانون القاضي يجب أن يحكم الفكرة المُسندة بشكل كامل من حيث الموضوع وكذلك من حيث التكييف والقول بالأخذ بقانون القاضي في التكييف يعد إفتئاتاً على إختصاص القانون الواجب التطبيق وتطبيقاً لقانون القاضي في غير موضع تطبيقه(18).

ولم تسلم هذه النظرية من النقد ومن أهم ما إنتقدت به – وبحق – :

1. أنها تتجاهل الترتيب المنطقي للأمور والتتابع الزمني لها إذ إن التكييف هو عملية سابقة زمناً ولازمة ضرورة قبل تطبيق قاعدة الإسناد في قانون القاضي ومن ثم إختيار القانون المختص بموجب هذه القاعدة فتطبيق القانون الأخير لأجل التكييف يعد مصادرة على المطلوب والسير في حلقة مُفرغة يستحيل الخروج منها(19).
2. إن قواعد الإسناد هي من وضع المشرع الوطني في دولة القاضي ومن ثم فالأفكار التي ينظمها في هذه القواعد لأجل تطبيق القانون المختص بشأنها وطنياً كان أم أجنبياً ، لابد من أن يتم تكييفها وإعطاؤها الوصف القانوني وفقاً لقانون القاضي لا وفقاً لقانون أجنبي فالسماح بتطبيق قانون الجنسية في مسائل الأهلية وفقاً لقاعدة الإسناد في قانون القاضي إنما هو سماحٌ بتطبيق قانون من حيث الموضوع في مسألة الأهلية والأهلية هذه كما يفهمها ويكيفها هو – أي المشرع الوطني في دولة القاضي – لا كما يكيفها غيره من المشرعين (20).

بعدما تقدم بقي أن نعرض للنظرية الثالثة وهي التكييف وفقاً لقانون القاضي .

المطلب الثالث : الرجوع في التكييف لقانون القاضي

وبموجب هذه النظرية يتم الرجوع إلى المفاهيم والأفكار القانونية في قانون القاضي نفسه لأجل تحديد الوصف القانوني لموضوع النزاع ورده إلى إحدى الطوائف القانونية التي خصص المشرع في دولة القاضي لكل منها قاعدة إسناد مستقلة .

ومن أهم من قال بهذه النظرية وأرسى دعائمها الفقيه الفرنسي ( بارتان ) إلا أنه أقام نظريته على فكرة السيادة فذهب إلى أن المشرع في دولة القاضي بوضعه قواعد الإسناد إنما يتنازل عن جزء من سيادة قانونه لصالح تطبيق القانون الأجنبي وهذا التنازل ينحصر في حدود تطبيق قاعدة الإسناد لأجل تحديد القانون المختص ومن ثم فتحديد الوصف القانوني للمسائل التي تندرج ضمن قاعدة الإسناد هو من إختصاص المشرع الوطني نفسه وهذا التكييف أو التحديد لم يتنازل عنه لصالح غيره من المشرعين(21).

إلا أن فكرة السيادة لم يقل بها الفقه الحديث(22) المتبني لهذه النظرية إذ أن قاعدة الإسناد هدفها تحديد القانون المختص تلبية لحاجة المعاملات الدولية ، ومن الحجج التي إستدلوا بها لدعم وجهة نظرهم :-
1. إن قواعد الإسناد في دولة القاضي هي قواعد وطنية من وضع المشرع الوطني ومن ثم فالتكييف لا يعدو أن يكون تفسيراً لقاعدة الإسناد وينبغي ن يتم هذا التفسير في ضوء مفاهيم قانون القاضي(23).
2. إن التكييف هي عملية ضرورية وسابقة على تحديد أي قانون ولا يمكن تحديد القانون المختص قبل إجراء التكييف ومن ثم فلا يمكن أن يتم التكييف إلا وفقاً لقانون القاضي المعروف لدى هذا الأخير(24).
3. إن مبدأ وحدة التكييف في دولة القاضي يستلزم إجراؤه وفقاً لقانون القاضي فلا يمكن أن نتصور مثلاً في مسألة الأهلية أن يتم تكييفها تارة وفقاً لقانون القاضي في نزاع وطني بحت وتارة وفقاً لقانون أجنبي في نزاع مشوب بعنصر أجنبي من خلال قاعدة الإسناد الوطنية مع إختلاف التكييف في الإثنين ، فالتكييف لابد أن يكون واحداً في الدولة نفسها(25).
4. حجة ذات طابع نفسي فالقاضي في تكوينه النفسي والمهني مطبوعٌ بطابع قانونه الوطني ومن ثم فالمفاهيم القانونية تدخل في تكوين ثقافته القانونية والمهنية فهو يميل دائماً في النزاع المعروض عليه إلى تطبيق قانونه الشخصي ولا سيما في تفسير قاعدة وطنيـة هي قاعدة الإسناد وفي ذلك يقول الفقيه ( بارتان ) : (( إن المبادىء السائدة في دولة القاضي تعد جزءاً لا ينفصل عن ذكائه المهني ))(26).

وتعد نظرية التكييف وفقاً لقانون القاضي هي النظرية الأرجح وقد تبنتها غالبية التشريعات (27) وأخذ بها القضاء في أحكامه (28).

ويلاحظ هنا أن المقصود بالتكييف وفقاً لهذه النظرية هو التكييف الأولي أو الإختصاصي أي التكييف اللازم لتحديد القانون المختص أمّا التكييف الثانوي أو اللاحق فيعد من مسائل الموضوع والتي تخضع للقانون المختص نفسه (29).

فمثلاً لو كانت قاعدة الإسناد في دولة القاضي تشير إلى تطبيق قانون جنسية الشخص في مسائل الأهلية ، فالمقصود بالأهلية وما يندرج تحتها يعد تكييفاً أولياً يتم وفقاً لقانون القاضي أما المسائل الأخرى مثل القصر والجنون والسفه وغيرها فبيان المقصود منها تعد تكييفات لاحقة تخضع للقانون المختص نفسه لأنها تدخل ضمن موضوع النزاع وغير لازمة لتحديد القانون الواجب التطبيق .

إذاً المقصود بالتكييف هنا هو الذي (( ينحصر في تسميـة قاعدة النزاع )) – حسب تعبير د.سامي بديع منصور(30).

ولكن لابد من الإشارة هنا بعد معرفة أن هذه النظرية هي الأرجح من بين النظريات في التكييف وأن المقصود بالتكييف هو الأولي وليس الثانوي ، أن الفقيه ( بارتان ) لم يسلّم بما تقول به هذه النظرية في جميع الفروض بل إستثنى من ذلك التكييف الذي يخص ( الأموال ) فيما إذا كانت عقاراً أو منقولاً فأخضع تكييفها لقانون موقعها وليس لقانون القاضي مستنداً على فكرة حماية الثروة الوطنية في الدولة التي تقع فيها تلك الأموال ومن ثم إرتباطها بالنظام العام فيها(31).

وقد تعرض هذا الإستثناء الذي طرحه ( بارتان ) إلى النقد الشديد من قبل شراح القانون ولم تأخذ به معظم التشريعات(32) التي تبنت هذه النظرية في نصوصها إذ إن التكييف لا يرد على العقار نفسه أو المنقول وإنما على الحقوق التي يقرها القانون على هذا العقار أو ذلك المنقول ومن ثم فإن تكييف الشيء عقاراً أو منقولاً يعد تكييفاً لاحقاً يدخل ضمن الأحكام الموضوعية في القانون الواجب تطبيقه على موضوع النزاع(33).

مضافاً إلى أن توضيح المقصود بالمال في إصطلاح القانون وتمييزه عن الشيء يكفي في الرد على هذا الإستثناء .

فالمال هو الحق ذو القيمة المالية والشيء ( عقاراً أو منقولاً ) هو محل ذلك الحق(34).

والنزاع إنما يكون موضوعه الحقوق وليس الأشياء ( محل هذه الحقوق ) ومن ثم لا يمكن الأخذ بالإستثناء المذكور وإنما يتم التكييف في جميع الأحوال وفقاً لقانون القاضي الناظر في النزاع أي أن التكييف هنا لا يخرج عن الأصل العام ويعد تطبيقاً للنظرية لا إستثنـــاءاً عليها .

أما طبيعة الحق وهل هو حق عيني(35) أم حق شخصي(36) مع صعوبة التمييز بين الحقين أو إختيار أحدهما في بعض الفروض التي إستجدت حديثاً مثل الحقوق التي ترد على الإختراع والمصنَّف والأسهم والسندات والنقود الألكترونية(37) فإن القاضي الذي ينظر النزاع هو من تقع عليه مهمة التمييز والتصنيف ( التكييف ) وفقاً للمفاهيم القانونية في قانونه الوطني إذا كان النزاع الذي ينظره مشوباً بعنصر أجنبي .

إتضح مما تقدم أن نظرية قانون القاضي هي النظرية الراجحة وأن الإستثناء المتقدم منتقد وأن التكييف المقصود هو الأولي أو الإختصاصي .

الخاتمة

وفي خاتمة دراستنا ننتهي إلى النقاط الآتية :

1. إن عملية التكييف هي عملية ضرورية في جميع فروع القانون الداخلي سواء كانت النزاعات مدنية أم جنائية أم إدارية وهي هنا عملية لازمة لأجل تطبيق الأحكام الموضوعية على موضوع النزاع المعروض أمام القاضي ، أما التكييف في قانون العلاقات الخاصة الدولية فهي عملية أولية عن طريقها يتم تعيين قاعدة الإسناد والتي بدورها تعين القانون المختص لحكم النزاع من الناحية الموضوعية – إن كان هذا القانون الأخير لا يأخذ بالإحالة – .
2. إن محل التكييف أو ما يرد عليه التكييف كان محلاً لجدل فقهي كبير والرأي الأرجح – حسب إعتقادي – هو أنه واقعة قانونية وهي ما يرتب القانون عليها أثراً وينص عليه في قواعد الإسناد والقول بغير ذلك أوقع البعض في خطأ والبعض الآخر قد تجنب – لدقة الموضوع – الخوض فيه .
3. إن نظرية إخضاع التكييف لقانون القاضي هي النظرية الأرجح لما تتمتع به من مزايا وللحجج التي يستند عليها القائلون بها وهي نظرية قال بها أكثر الفقه وأخذ بها القضاء في أحكامه وتبنتها غالبية التشريعات .
4. التكييف الأولي هو المقصود بالتكييف في نطاق تنازع القوانين وهو لازم لتسمية القانون المختص بموجب قاعدة الإسناد ومن ثم يخرج عن الموضوع التكييفات اللاحقة التي تعد من صلب موضوع النزاع ولا دخل لها في تعيين قاعدة التنازع .
5. لا يمكن الأخذ بالإستثناء الذي قال به ( بارتان ) فيما يخص تكييف الأشياء فيما إذا كانت عقارية أو منقولة ، إذ إن النزاع إنما يرد على الحقوق ، والأشياء عقارية كانت أو منقولة هي محل هذه الحقوق ومن ثم فتكييفها يعد تكييفاً لاحقاً وليس أولياً .
6. نأمل من المشرع العراقي حذف نص الفقرة (2) من المادة (17) من القانون المدني العراقي النافذ لسنة 1951 كونها تنص على الأخذ بالإستثناء المتقدم .

الهوامش

(1) د.جابر جاد عبدالرحمن : القانون الدولي الخاص ، ج2 ، ط2 ، مطبعة التفيض ، بغداد ، 1947- 1948 ، ص 522 ، د.عكاشة محمد عبدالعال : تنازع القوانين ( دراسة مقارنة )، دار المطبوعات الجامعية ، الإسكندرية ، 2002 ، ص 79 .
(2) ودليل على أهمية التكييف في القانون الإداري أن التمييز بين العقود التي تبرمها الإدارة ما إذا كانت مدنية أم إدارية قد ( أثار – ويثير دائماً العديد من منازعات الإختصاص بين المحاكم الإدارية والمحاكم المدنية ) د.علي محمد بدير ، د.عصام عبدالوهاب البرزنجي ، د.مهدي ياسين السلامي : مبادىء وأحكام القانون الإداري ، مديرية دار الكتب للطباعة والنشر ، بغداد ، 1993 ، ص 475.
(3) د.عكاشة محمد عبدالعال : تنازع القوانين ، المصدر السابق ، ص 81 .
(4) د.سامي بديع منصور : الوسيط ، فقرة (120) أشار إليه د.عكاشة محمد عبدالعال : تنازع القوانين ، المصدر السابق ، ص 89 هامش رقم (1) .
(5) د.جابر جاد عبدالرحمن : القانون الدولي الخاص ، مصدر سابق ، ص 539 .
(6) د.جابر جاد عبدالرحمن : القانون الدولي الخاص ، مصدر سابق ، ص 539 – 540 والمصادر التي يذكرها المؤلف في ص 540 هامش رقم (1) .
(7) د.فؤاد رياض ، د.خالد الترجمان : تنازع القوانين والإختصاص القضائي الدولي وآثار الأحكام الأجنبية ، 1988 ، ص 57 أشار إليه د.عكاشة محمد عبدالعال : تنازع القوانين ، مصدر سابق ، ص 89 هامش رقم (2).
(8) د.سليمان مرقس : نظرية العقد ، نشر وطبع دار النشر للجامعات المصرية ، القاهرة ، 1956 ، ص 28 – 29.
(9) د.سليمان مرقس : نظرية العقد، المصدر السابق ، ص 29 ، عبدالباقي البكري ، زهير البشير : المدخل لدراسة القانون ، نشر جامعة بغداد ، بيت الحكمة ، ص 245 ، يوسف نجم جبران : القانون والجرم وشبه الجرم ، ط1، منشورات عويدات ، بيروت – باريس ، 1978 ، ص 29 .
(10) حكم محكمة إستئناف أورليان في 4 / 8 / 1857 في قضية تتلخص وقائعها في : أن هولندياً قام بتحرير وصية بالشكل الخطي العرفي في فرنسا التي يجيز قانونها ذلك حسب المادة (999) من القانون المدني الفرنسي في حين أن القانون الهولندي يمنع ذلك ويشترط الرسمية ( إفراغ الوصية في الشكل الذي يتطلبه القانون ) حسب المادة ( 992 ) من القانون المدني الهولندي فلما مات الهولندي طالب ورثته ببطلان الوصية وفقاً للقانون الهولندي وذلك أمام القضاء الفرنسي ، أشار إليه د.جابر جاد عبدالرحمن :القانون الدولي الخاص ، مصدر سابق ، ص 524 – 525.
(11) قضية تتلخص وقائعها في أن زوجيين مالطيين تزوجا في مالطـــا ثم إنتقلا للعيش في الجزائر ( حينما كانت مستعمرة فرنسية ) ثم مات الزوج عن ثروة ضخمة من بينها عقارات في الجزائر ، فطالبت الزوجة أمام القضاء الفرنسي بنصيبها من زوجها وفقاً لما يعرف بـ ( نصيب الزوج المحتاج ) وهو نظام يعرفه القانون المالطي ولا يعرفه القانون الفرنسي ، ويلاحظ أن المحكمة الفرنسية طبقت قانونها وليس القانون المالطي وكيفت الموضوع بأنه ميراث ومن ثم يخضع للقانون الفرنسي ، حكم محكمة إستئناف الجزائر بتأريخ 24 / 12 / 1889 أشار إليه د.جابر جاد عبدالرحمن : القانون الدولي الخاص ، مصدر سابق ، هامش رقم (1) ص 537.
(12) د.شمس الدين الوكيل : محاضرات في القانون الدولي الخاص ( على الآلة الكاتبة ) ، جامعة الإسكندرية ، 1962 – 1963 ، ص 54 أشار إليه د.عكاشة محمد عبدالعال : تنازع القوانين ، مصدر سابق ، ص 92 هامش رقم (1).
(13) د.حسن الهداوي : تنازع القوانين ( المبادىء العامة والحلول الوضعية في القانون الأردني – دراسة مقارنة – )، الدار العلمية الدولية ودار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان ، 2001 ، ص 54 – 55.
(14) د.حسن الهداوي : تنازع القوانين ، مصدر سابق ، ص 55.
(15) د.عكاشة محمد عبدالعال : تنازع القوانين ، مصدر سابق ، ص 117.
(16) د.عكاشة محمد عبدالعال : تنازع القوانين ، مصدر سابق ، ص 117- 118.
(17) د.حسن الهداوي : تنازع القوانين ، مصدر سابق ، ص 55.
(18) د.جابر جاد عبدالرحمن : القانون الدولي الخاص ، مصدر سابق ، ص 527 ، د.حسن الهداوي : تنازع القوانين ، مصدر سابق ، ص 55.
(19) د.عكاشة محمد عبدالعال : تنازع القوانين ، مصدر سابق ، ص 114.
(20) د.حسن الهداوي : تنازع القوانين ، مصدر سابق ، ص 57.
(21) د.جابر جاد عبدالرحمن : القانون الدولي الخاص ، مصدر سابق ، ص 529.
(22)أنظر د.عكاشة محمد عبدالعال : تنازع القوانين ، مصدر سابق ، ص 97 والفقه الذي يذكره في هامش رقم (1) ص 98.
(23) د.سامي بديع منصور ، د.عكاشة محمد عبدالعال : القانون الدولي الخاص ، الدار الجامعية ، بيروت ، ص 91.
(24) د.عكاشة محمد عبدالعال : تنازع القوانين ، مصدر سابق ، ص 99.
(25) د.جابر جاد عبدالرحمن : القانون الدولي الخاص ، مصدر سابق ، ص 529 – 530.
(26) بارتان : مبادىء القانون الدولي الخاص ، الجزء الأول ، ص 227 نقلاً عن د.عكاشة محمد عبدالعال : تنازع القوانين ، مصدر سابق ، ص 101 وهامش رقم (3) من الصفحة نفسها .
(27) ومنها القانون العراقي إذ تنص المادة ( 17 / 1 ) من القانون المدني العراقي لسنة 1951 النافذ على أنه (( القانون العراقي هو المرجع في تكييف العلاقات عندما يطلب تحديد نوع هذه العلاقات في قضية تتنازع فيها القوانين لمعرفة القانون الواجب تطبيقه من بينها )).
(28) للتفصيل أنظر مؤلف د.جابر جاد عبدالرحمن : القانون الدولي الخاص ، مصدر سابق ، هامش رقم (1) ص 539.
(29) د.عكاشة محمد عبدالعال : تنازع القوانين ، مصدر سابق ، ص 102.
(30) د.سامي بديع منصور ، د.عكاشة محمد عبدالعال : القانون الدولي الخاص ، مصدر سابق ، ص 92.
(31) د.حسن الهداوي : تنازع القوانين ، مصدر سابق ، ص 62.
(32) إلا أن القانون العراقي كان من بين التشريعات التي أخذت بهذا الإستثناء – وهو مسلك منتقد – إذ نصّت المادة ( 17 / 2 ) على أن (( ومع ذلك فإن القانون الذي يحدد ما إذا كان الشيء عقاراً أو منقولاً هو قانون الدولة التي يوجد فيها هذا الشيء )).
(33) د.عكاشة محمد عبدالعال : تنازع القوانين ، مصدر سابق ، ص 110.
(34)محمد طه البشير ، د.غني حسون طه : الحقوق العينية ، ج1 ، نشر وطبع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، بغداد ، ص 10 ويشير المؤلفان إلى الخلط الذي وقع به بعض القوانين بين الحق والشيء إذ عبروا عنهما بالمال .
(35) الحق العيني هو (سلطة يقررها القانون لشخص على شيء (مادي ) معين تمكنه من إستعمال هذا الشيء والإنتفاع به على نحو أو على آخر ) أنظر محمد طه البشير ، د.غني حسون طه : الحقوق العينية ، المصدر السابق ، ص 5.
(36) الحق الشخصي ( ينطوي على سلطة تثبت للدائن وتخوله أن يلزم المدين بأداء عمل معين لصالحه أو الإمتناع عن عمل ) أنظر محمد طه البشير ، د.غني حسون طه : الحقوق العينية محمد طه البشير ، د.غني حسون طه : الحقوق العينية ، المصدر السابق ، ص 6.
(37) د.مصطفى الجمال : نظام الملكية في القانون اللبناني والمقارن ، الجزء الأول ( حق الملكية ) ، المكتب الشرقي للنشر والتوزيع ، بيروت ، ص 91.

المصادر

1. د.حسن الهداوي : تنازع القوانين ( المبادىء العامة والحلول الوضعية في القانون الأردني – دراسة مقارنة – ) ، ط2 ، الدار العلمية الدولية ودار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان ، 2001.
2. د.جابر جاد عبدالرحمن : القانو ن الدولي الخاص ، ج2 ، ط2 ، مطبعة التفيض ، بغـداد ، 1947 – 1948 .
3. د.سامي بديع منصور ، د.عكاشة محمد عبدالعال : القانون الدولي الخاص ، الدار الجامعية ، بيروت .
4. د.سليمان مرقس : نظرية العقد ، نشر وطبع دار النشر للجامعات المصرية ، القاهرة ، 1956.
5. عبدالباقي البكري ، زهير البشير : المدخل لدراسة القانون ، نشر جامعة بغداد ، بيت الحكمة .
6. د.عكاشة محمد عبدالعال : تنازع القوانين ( دراسة مقارنة ) ، دار المطبوعات الجامعية ، الإسكندرية ، 2002 .
7. د.علي محمد بدير ، د.عصام عبدالوهاب البرزنجي ، د.مهدي ياسين السلامي : مبادىء وأحكام القانون الإداري ، مديرية دار الكتب للطباعة والنشر ، بغداد ، 1993 .
8. محمد طه البشير ، د.غني حسون طه : الحقوق العينية ، ج1 ، نشر وطبع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، بغداد .
9. د.مصطفى الجمال : نظام الملكية في القانون اللبناني والمقارن ، الجزء الأول ( حق الملكية ) ، المكتب الشرقي للنشر والتوزيع ، بيروت .
10. يوسف نجم جبران : القانون والجرم وشبه الجرم ، ط1 ، منشورات عويدات ، بيروت – باريس ، 1978 .
المستخلص

لا ريب في أهمية التكييف والذي يعني تحديد الوصف القانوني الصحيح للموضوع المعروض أمام القاضي ، وذلك في مختلف فروع القانون الداخلي سواء كان جنائياً هذا الفرع أم إدارياً أم مدنياً . . . إلا أن التكييف في فرع القانون الدولي الخاص ( قانون العلاقات الخاصة الدولية ) له أهمية خاصة إذ من خلاله يتم التعرف على قاعدة الإسناد التي تحدد بدورها القانون الواجب التطبيق لحكم النزاع ومن ثم فالتكييف هنا يعد عملية أولية وسابقة لابد من إجرائها قبل تطبيق قاعدة الإسناد .

ولكن ما هو موضوع التكييف أو على ما يرد التكييف ؟ هل هي الوقائع المجردة أم العلاقات القانونية أم الوقائع القانونية ، هذا ما بحثناه في المبحث الأول واخترنا الرأي الراجح من بين ما تقدم .

ثم من بعد ذلك وفقاً لأي مفاهيم قانونية يقوم القاضي بمهمة التكييف ، هل يكيف موضوع النزاع وفقاً لقانونه الوطني أم وفقاً للقانون المقارن أم القانون المختص نفسه ؟ هذا ما بحثناه في المبحث الثاني وانتهينا فيه إلى ترجيح التكييف وفقاً لقانون القاضي كما هو معروض في ثنايا البحث .

وأخيراً تضمنت خاتمة البحث أهم الإستنتاجات والمقترحات التي توصلنا إليها في دراستنا هذه .

Resume

The subject of classification ( determination of a correct legal description ) has an importance in vary internal law departments ; Criminal , Administrative , Civil . . . but it has a special importance in Private International Law because without it , A judge can’t practice a conflict rule and choice the applicable law .

So, what is classification’s subject? Mere facts, or legal relationships, or legal facts, in narrow or wide concept? This matter was studied in the first chapter.

And according to any law must classification done? According to an applicable law, or comparative law, or judge law? A many proofs help to choice judge law and these matters are researched in the second chapter.

الغموض في النصوص القانونية والشريعة الإسلامية – بحث قانوني

بحث قانوني الغموض في النصوص القانونية والشريعة الإسلامية

اعداد الباحث – عمار داود

اعادة نشر بواسطة محاماة نت

المبحث الأول
الغموض في نصوص القانون
قد يكون النص القانوني مشوباً بعيب من العيوب التي تجعله في حاجة إلى التفسير و من هذه العيوب الغموض .
إن تقرير وضوح النص أو غموضه هي عملية تقييم شخصي تختلف بإختلاف فطنة المفسر , فقد يبدو النص واضحاً لمفسر , ويبدو غامضاً لآخر أقل منه فطنة , لذلك فإن عملية التفسير هي الكفيلة ببيان غموض النص من وضوحه مما يعني أن عملية التفسير هي عمل سابق على الحكم على النص بالوضوح أو الغموض .(1)
وأسباب غموض النص التشريعي هي :-
أولاً:- الغموض الذي تقتضيه فن الصياغة التشريعية .
ثانياً :-الغموض الذي تقتضيه طبيعة الموضوع .
ثالثاً :- الغموض الذي تقتضيه طبيعة اللغة ذاتها .
أولاً:- الغموض الذي تقتضيه فن الصياغة التشريعية
إن فن الصياغة التشريعية , هو مجموعة الوسائل والقواعد المستخدمة لصياغة الأفكار القانونية والأحكام التشريعي بطريقة تيسر تطبيق القانون من الناحية العملية , وذلك باستيغاب وقائع الحياة في قوالب لفظية تحقق الغرض المنشود من السياسة القانونية .(2)
وأهم صفات الفن التشريعي ما يلي :-
1- أن تكون الصياغة شاملة لما يراد تنظيمه حالاً من العلاقات القانونية والى ما ينتظر وقوعه في المستقبل .
2- أن تكون العبارات دقيقة تقرر حلولاً ثابتة غير متغيرة .
3- أن تكون سهلة التطور في المراد منها بأن تتوافق مع المراكز المادية التي يمكن أن تظهر في الجماعة.
فالتشريع السليم هو الذي يختار الصيغ الملائمة للوقائع التي ستطبق عليها القاعدة القانونية , فإذا كانت مما يتطلب الحسم والصرامة فلا بد أن تتصف الصياغة بالجمود مثل تحديد الفائدة , أما إذا لم تتطلب الحسم والصرامة فتتصف بالمرونة والتي بدورها توسع سلطة من يتولى تطبيق القاعدة التشريعية .(3)

ثانياً :- الغموض الذي تقتضيه طبيعة الموضوع .
قد تقتضي طبيعة الموضوع الذي يعالجه المشرع أن يتحاشى التعرض لأدق التفاصيل فيه لما يتميز به من الإتساع والدقة .
وقد يتعمد المشرع ذلك ايضاً لما تقتضيه أمور سياسية أو اجتماعية فيبتر النص أو يصوغه بلغة مبهمة ويترك للقضاء استخلاص المعنى المقصود مع الزمن وعند حدوث الوقائع .(3)
ثالثاً :- الغموض الناتج عن القصور في اللغة والتعبير.
إذا ورد في النص التشريعي لفظ أو عبارة مما يحتمل أكثر من معنى واحد نتج لدينا غموضفي النص ناتج عن قصور في اللغة أو التعبير , مما يستدعي اللجوء إلى التفسير لمعرفة المقصود الحقيقي والأقرب لمراد النص , كاللجوء الى تعريف مصطلح الليل عندما يستخدمه المشرع كظرف مشدد لعقوبة السرقة .
والحقيقة أن أبرز سبب لهذا الغموض هو وجود الألفاظ المشتركة ذات المعاني المتعددة وما أكثرها في اللغة .(3)
وقد يأتي الغموض لا من وجود الألفاظ المشتركة المعاني بل من أسلوب النص نفسه , لأن القارئ البسيط يستطيع التمييز بين العبارة الواضحة والعبارة المغلقة , فالعبارة الواضحة تصاغ بأسلوب سلس يمكن تصور المقصود منهادن الحاجة الى التحليل .أما العبارة الصعبة فيكون أسلوب صياغتها معقد اللفظ والتركيب .(3)

المبحث الثاني
الغموض في النصوص الشرعية
تقسم الأدلة الشرعية الى قسمان :-

أدلة بنصوص وهي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة , وأدلة بغير نصوص وهي القياس والإستحسان .(1)
وبما أن بحثي عن تفسير النصوص فأقتصر الحديث عن تفسير القرآن والسنة .(1) , وذلك مع ملاحظة أنه في معظم المسائل التي عالجها القرآن الكريم عهد إلى الرسول (ص) مهمة البيان وتحديد التفاصيل فجاءت سنتة الطاهرة في معظم الأحيان مفسرة ومبينة للمراد من نصوص القرآن الكريم حيث قال تعالى في كتابه الكريم ( لتبين للناس ما نزل إليهم ) .(3)
وقد قسم الأصوليون النصوص الشرعية الى نصوص واضحة الدلالة وأخرى غير واضحة الدلالة (3) , وهي التي تشمل موضوع الغموض لأن النص وضح الدلالة لا غموض فيه .
فغموض النص حسب ما توصل اليه الأصوليون يرجع إلى عدة عوامل تسلب الوضوح من النص وأهم هذه الأسباب ما يلي :-
1- الإشتباه في تطبيق النص على بعض الوقائع والأفراد ( النص الخفي ) .
2- تعقد الوصول الى معنى النص إلا بقرينة ( النص المشكل ) .
3- اجمال النص أي خفاء المراد منه خفاء يدرك إلا ببيان من المجمل (النص المجمل ) .

أولاً :- النص الخفي
الخفاء لغةً , هو عدم الظهور والتستر , أما إصطلاحاً ما اشتبه معناه وخفي مراده بعارض غير الصيغة لا ينال الا بالطلب .
أن منشأ الغموض في النص الخفي هو تخصيص بعض الأفراد باسم خاص به أو زيادة في بعض الأفراد أو نقصان . إن هذه التسمية الخاصة أو الزيادة أو النقص تحيط اللفظ بالإشتباه , فيصبح اللفظ الظاهر في الدلالة على معناه خفياً بالنسبة الى هذا الفرد المطلوب معرفة حكمه , لأن هذا الفرد لا يدرك من نفس اللفظ انه مما يتناوله ذلك اللفظ بالحكم بل لا بد من أمر خارجي , ولهذا يتطلب حكم الخفي النظر والبحث والتأمل ليعلم المجتهد مكمن الخفاء ويعمل على إزالته عن طريق الرجوع الى النصوص المتعلقة بالمسألة المقصودة ومراعاة التعليل ومقاصد الشريعة.(3)
ومن أمثلة الخفي في كتاب الله تعالى قوله سبحانه ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) . غن لفظ السارق ظاهر في الدلالة على معناه و هو أخذ المال المتقوم المملوك للغير خفية من حرز مثله . فكل من انطبق عليه هذا المعنى عد سارقاً وطبق عليه الحكم فلفظ السارق ظاهر فيه غير خفي , ولكنه خفي في الطرار وهو الذي يأخذ المال من الناس بمهارة وخفة في يقظتهم .(3)
ثانياً:- النص المشكل
المشكل هو الذي أشكل على السامع طريق الوصول الى المعاني لدقة المعنى في نفسه لا بعارض .والفرق بين المشكل والخفي هو أن الخفاء في المشكل يأتي من ذات اللفظ ولا يفهم المراد منه ابتداءً الا بدليل من الخارج . أما الخفي فمنشأ خفائه من التطبيق .(3)
وينقسم المشكل باعتبار منشأ أشكاله الى ثلاثة اقسام :-(3)
1- الاشكال الناشئ عن غموض في المعنى المحتمل عندما يحتمل اللفظ عدة معاني أو عندما يستعمل المعنى المجازي للفظ من الألفاظ بين هذا المعنى المجازي وبين معناه الحقيقي .
2- الاشكال الناشئ عن تعارض ظواهر النصوص على معنى . أي أن كل نص يكون واضح الدلالة على المراد منه ولكن المعنى الذي يدل عليه احد النصين يصطدم وما يدل عليه نص آخر .
3- الاشكال الناشئ عن غموض المعنى المراد من اللفظ .
ومن الأمثلة الكثيرة على النص المشكل الآية الكريمة ( وان طلقتموهن من قبل ان تمسونهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم الا ان يعفون او يعفو الذي بيده عقدة النكاح ) .
إن المراد من ( الذي بيده عقدة النكاح ) يحتمل أن يكون الزوج ويحتمل أن يكون الولي فلا بد من التأمل والإجتهاد للخروج من الاشكال .
ثالثاً :- النص المجمل
المجمل لغة هو المبهم وغير المفصل, أما اصطلاحاً فهو لفظ لا يفهم المراد منه الا ببيان المجمل سواء كان ذلك لتزاحم المعاني المتساوية الاقدام كالمشترك , أو لغرابة اللفظ أو لانتقاله من معناه الظاهري الى معنى اخر غير معلوم .
وموارد الاجمال كما اوردها الفقهاء ثلاثة :- (3)
1- ما كان اجماله ببب نقل اللفظ من معناه اللغوي الى معنى اصطلاحي خاص غير معلوم اراده الشارع . كالزكاة والربا والبيع وغيرها من الألفاظ التي كان لها قبل الوضع الشرعي معين وجاءت السنة النبوية مبينة لها .
2- ما كان الاجمال فيه بسبب تعدد المعاني المتساوية وتزاحمها مع وجود قرينة ترجح أحد المعاني ومثال ذلك لفظ العين الجارية والقرء الموضوع للطهر والحيض .
3- ما كان اجماله ناشئاً عن غرابة اللفظ في المعنى الذي استعمل فيه . ومثال ذلك لفظ ( هلوع ) في قوله تعالى (ان الإنسان خلق هلوعا ) والمراد به الحريص الجذوع , ولكن استعمال الهلوع في هذا المعنى غريب لا يمكن فهم المراد منه دون بيان ولذلك بينه الله تعالى بقوله (اذا مسه الشر جذوعا واذا مسه الخير منوعا ) .
ولكل ما تقدم فإنني توصلت الى نتائج وهي :-
1- أن غموض النص يكون في حالة تكون عليها عبارة النص غير واضحة كل الوضح بحيث تحتمل التفسير و التأويل إلى أكثر من معنى ، يكون النص في هذه الحالة مشوبا بعيب الغموض والإبهام ، ومهمة المفسر في هذه الحالة هي أن يختار بين المعاني المختلفة التي يحتملها النص المعنى الأكثر صحة والأقرب إلى الحق والصواب .
2- أن الغموض كغيره من أسباب التفسير يتبين لنا من خلال التفسير اللفظي كمرحلة أولى من مراحل التفسير واذا لم يجد ذلك لاستنباط القصد من التشريع نلجأ الى التفسير المنظقي للتوصل الى روح النص والمراد منه .
3- قد لا يظهر الغموض لدى المفسر السطحي بينما احتمال ظهوره لدى المفسر المتعمق اكبر.
4- أن الغموض يكون مقصوداً من قبل الشارع في النص التشريعي في بعض الأحيان .

بحث عن التوقيع الإلكتروني و حجيته في القانون الأردني

بحث عن التوقيع الإلكتروني و حجيته في القانون الأردني

Search for the electronic signature and its proof in Jordanian law

مقدمة
تتمثل وظيفة التوقيع في تحديد هوية الموقع والتعبير عن ارادته باعتبار ان التوقيع يعبر عن ارادة صاحبه,ولذلك فإنه يجب أن يصدر من شخص كامل الاهلية. ولاتعد الكتابة دليلاً كاملا إلاإذا كانت موقعة,فالتوقيع يعد العنصر الثاني من عناصر الدليل الكتابي المعد للاثبات, ودون التوقيع يفقد الدليل الكتابي حجيته ,فالتوقيع هو الذي ينسب الورقة إلى من وقعها حتى ولو كانت مكتوبة بخط غيره .
وقد كان التوقيع بداية يتم عن طريق الختم,ثم أصبح يتم عن طريق الامضاء بخط اليد,ثم توسع ليشمل بصمة الاصبع, لما له من قدرة على تحديد هوية الموقع نظرا لما اثبته العلم من قدرة بصمة الاصبع على تحقيق تلك الوظائف وعدم امكانية التشابه بين البصمات .
لقد تطورت وسائل الاتصال وظهر الحاسوب الذى دخل مختلف نواحي الحياة,وبعد أن أمكن ربطه بالهاتف أحدثت شبكة الانترنت ثورة هائلة في مجالات الحياة المختلفة, وظهر ما يسمى بالتجارة الالكترونية التى كانت بحاجة الى تواقيع تتلاءم مع طبيعتها فظهر ما عرف بالتوقيع الالكترونى. ولم يقتصر هذا التوقيع على شكل واحد, وانما اتخذ عدة أشكال بدءً بالتوقيع عن طريق الرقم السري وانتهت الآن بالتوقيع الرقمي الذي أخذ حيزاً واسعاً في مجال المعاملات الالكترونية ونال الاعتراف القانونى به.
ويأتى هذا البحث بعد إزدهار التجارةالإلكترونية على الصعيد الدولي , وبعد انضمام الاردن الى منظمة التجارة العالمية وتوقيعه للعديد من اتفاقيات التجارة الحرة واتفاقية الشراكة الاردنية الاوروبية, حيث برزت الحاجة في التشريع الأردنيإلى إزالة العوائق القانونية التى تعيق تقدم التجارة الالكترونية وتطورها من خلال تشريع متخصص للمعاملات الإلكترونية, وفعلاً صدر قانون مؤقت لهذه المعاملات رقم (85) لسنة 2001 بتاريخ 11 / 12 / 2001 , يضع اطاراً قانونياً يتفق مع الاطار التشريعي الدولي , ينظم التعاملات الالكترونية ويعترف بكل من السجلات الالكترونية ورسائل البيانات الالكترونية والتواقيع الالكترونية,من حيث صلاحيتها لانشاء التزامات قانونية,وسمح بانشاء جهات التوثيق والتصديق والتواقيع الالكترونية , من حيث قبولها كوسائل إثبات أمام المحاكم واعطاؤها الحجية في الاثبات الى جانب الوسائل التقليدية المبنية على السندات والشهادة وغيرها .
الفصل الأول
ماهية بالتوقيع الإلكتروني والتمييز بينه وبين التوقيع التقليدي

المبحث الأول :- تعريف التوقيع الإلكتروني :-

عرف المشرع الأردني التوقيع الإلكتروني في المادة الثانية من قانون المعاملات الإلكترونية رقم (58) لسنة 2001 بقوله أنه “البيانات التي تتخذ هيئة حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو غيرها وتكون مدرجة بشكل إلكتروني أو رقمي أو ضوئي أو أي وسيلة أخرى مماثلة في رسالة معلومات أو مضافة عليها أو مرتبطة بها ولها طابع يسمح بتحديد هوية الشخص الذي وقعها ويميزه عن غيره من أجل توقيعه وبغرض الموافقة على مضمونه ” .
أما قواعدالأونسترال الموحدة بشأن التوقيعات الإلكترونية فقد عرفته في المادة (2/ا) بأنه “بيانات في شكل إلكتروني مدرجة في رسالة بيانات أو مضاف إليها أو مرتبطة بها منطقياً , يجوز أن تستخدم لتعيين هوية الموقع بالنسبة لرسالة البيانات , ولبيان موافقة الموقع على المعلومات الواردة في رسالة البيانات ” . (1)
أما الفقه فقد قسمت تعريفاته للتوقيع الإلكتروني كلٌ حسب حسب طريقة تركيزه على كيفية نشوء التوقيع الإلكتروني حيث عرفه البعض أنه ” التوقيع الناتج عن إتباع إجراءات محددة تؤدي في النهاية إلى نتيجة معروفة مقدماً فيكون مجموع هذه الإجراءات هو البديل الحديث للتوقيع بمفهومه التقليدي وهو ما نسميه نحن عن التوقيع الإجرائي ” , أما البعض فقد عرفه بأنه “مجموعة من الإجراءات التقنية التي تسمح بتحديد شخصية من تصدر عنه هذه الإجراءات وقبوله بمضمون التصرف الذي يصدر التوقيع بمناسبته , والبعض الآخر فعرفه أيضاً أنه ” إستخدام معادلات خوارزمية متناسقة تتم معالجتها من خلال الحاسب الآلي تنتج شكلاً معيناً يدلعلى شخصية صاحب التوقيع . (2)
القاضي يوسف أحمد النوافلة – حجية المحررات الإلكترونية في الإثبات – الطبعة الأولى .
القاضي يوسف أحمد النوافلة – حجية المحررات الإلكترونية في الإثبات – الطبعة الأولى .

المبحث الثاني :- التمييز بين التوقيع الإلكتروني والتوقيع التقليدي :-

لم تأت التشريعات على تعريف محدد للتوقيع التقليديبالرغم من أهميته في الإثبات , فالمحرر العرفي لا قيمة له في الإثبات إذا لم يكن موقعاً من محرره ولا يعدو عن كونه مبدأ ثبوت بالكتابة لا غير , وقد عُرف التوقيع التقليدي بأنه ” التأشير أو وضع علامة على السند أو بصمة إبهام للتعبير عن القبول بما ورد فيه أو علامة مميزة تخص الشخص وتسمح بتحديد هويته ومعرفته بسهولة “. (1)
وهنالك عدة فروق جوهرية بين التوقيع التقليدي والإلكتروني في عدة نواحي وهي :-

أولاً :-من حيث صورة أو شكل التوقيع :-
التوقيع التقليدي المعتمد قانوناً يجب أن يتم في صورة إمضاء أو ختم أو بصمة أصبع , مع ترك الحرية الواسعة للموقع في إختيار توقيعه وصيغته من بين هذه الصور , أما التوقيع الإلكتروني فإنه لا يشترط فيه صورة أو شكل معين , بل يجوز أن يتم في صورة حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو حتى أصوات بشرط أن يكون للصورة المستخدمة طابع متفرد يسمح بتحديد شخص الموقع ويميزه عن غيره , وأن يؤدي إلى إظهار رغبة الموقع في إقرار التصرف القانوني والرضا بمضمونه (2).
ثانياً :- من حيث الوسيط أو الدعامة التي يوضع عليها التوقيع :-

يتم التوقيع التقليدي عبر وسيط مادي محسوس وملموس وهو في الغالب وسيط ورقي , حيث تذَيل الكتابة على الورق بالتوقيع فيتحول إلى محرر أو مستند صالح للإثبات في حين أن التوقيع الإلكتروني يتم عبر وسيط إلكتروني غير محسوس (3) .

1. د. ثروت عبد الحميد – التوقيع الإلكتروني – الطبعة الثانية 2002,2003 .
2. د.ممدوح محمد علي مبروك – مدى حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي .
3. د.ممدوح محمد علي مبروك – مدى حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي .
ثالثاً :- من حيث مدى حرية الموقع في إختيار شكل التوقيع وصيغته :-
التوقيع التقليدي يخول الموقع حرية واسعة في إختيار صيغة توقيعه من خلال الإمضاء الخطي أو الختم أو بصمة الإصبع أو أن يجمع بين طريقتين منها , على عكس التوقيع الإلكتروني الذي يتطلب إستخدام تقنية آمنة وآلية معينة تسمح بالتعرف على شخصية الموقع وتحدد هويته وتضمن سلامة المحرر من العبث أو التحريف وهذا يستلزم تدخل جهة رسمية تختص بتوثيق التوقيع الإلكتروني والتصديق على صحته .(1)
رابعاً :- من حيث الوظائف التي يؤديها التوقيع :-
التوقيع التقليدي يقوم بثلاث وظائف , الأولى أنه يحدد هوية وشخصية الموقع ويميزه عن غيره من الأشخاص , والثانية أنه يعبر بشكل واضح عن إرادة الموقع وقبوله الإلتزام بمضمون الورقة وإقراره لها , والثالثة أنه دليل على الحضور المادي لأطراف التصرف في وقت التوقيع أو حضور من يمثلهم قانوناً أو إتفاقاً . أما التوقيع الإلكتروني فإنه يقوم بخمس وظائف , الأولى أنه يحدد هوية وشخصية الموقع ويميزه عن غيره من الأشخاص , والثانية أنه يعبر عن إرادته في الرضا في التعاقد والقبول بالإلتزام به وإقراره له , والثالثة أنه يسمح في التعاقد عن بعد وبدون حاجة إلى الحضور المادي لصاحب التوقيع في مكان إبرام التصرف , و الرابعة أنه يحقق قدراً من الأمن والثقة في صحة التوقيع وإنتسابه لصاحبه ويؤدي إلى الإستيثاق من مضمون المحرر وتأمينه من التعديل بالإضافة أو الحذف , وبحيث يختلط التوقيع الإلكتروني بالمحرر على نحو لا يمكن فصله , والخامسة أن التوقيع الإلكتروني يمنح المستند صفة المحرر الأصلي وبالتالي يجعل منه دليلاً معداً مسبقاً للإثبات له نفس منزلة الدليل الكتابي الذي يتم إعداده مسبقاً قبل أن يثور النزاع بين الأطراف .(2)

1. د.ممدوح محمد علي مبروك – مدى حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي .
2. د.ممدوح محمد علي مبروك – مدى حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي .
الفصل الثاني
حجية التوقيع الألكتروني ودوره في الإثبات في قانون المعاملات الإلكترونية الأردني

للتعرف على الدور الذي يؤديه التوقيع الإلكتروني وحجيته في الإثباتفي القانون الأردني لا بد لنا من معرفة الشروط التي تطلبها المشرع لإعتبار التوقيع موثقاً ومقبولاً ( مبحث أول ) , ومن ثم نتعرض لموضوع التوثيق الذي اشترطه المشرع لإضفاء الحجية على التوقيع الإلكتروني ( مبحث ثانٍ ) , ومن ثم التعرف على حجية التوقيع الإلكتروني ودوره في الإثبات ( مبحث ثالث ) .

المبحث الأول :- الشروط اللازم توافرها في التوقيع الإلكتروني للإحتجاج به :-

ليكون للتوقيع الإلكتروني حجية في الإثبات وليؤدي هذا الدور نجد أن معظم التشريعات ومنها الأردني تتفق على أن هنالك شروط لابد من توافرها في هذا التوقيع وهذه الشروط نصت عليها المادة (31) من قانون المعاملات الإلكترونية حيث نصت على ما يلي:-

إذا تبين نتيجة تطبيق إجراءات التوثيق المستخدمة أنها معتمدة أومقبولة تجارياً أو متفقاً عليها بين الأطراف فيعتبر التوقيع الإلكتروني موثقاً إذا اتصف بما يلي :-
أ .تميز بشكل فريد بارتباطه بالشخص صاحب العلاقة .
ب . كان كافياً للتعريف بشخص صاحبه .
ج . تم إنشاؤه بوسائل خاصة بالشخص وتحت سيطرته .
د . إرتبط بالسجل الذي يتعلق به بصورة لا تسمح بإجراء تعديل على القيد بعد توقيعه دون إحداث تغيير في التوقيع . “

مما سبق يتبين لنا أن المشرع الأردني إشترط أربعة شروط يجب توافرها بالتوقيع الإلكتروني لاعتباره موثقاً ويرتب حجية ويؤدي دوراً في الإثبات وهذه الشروط هي :-

الشرط الأول :- تميز التوقيع بشكل فريد بارتباطه بالشخص صاحب العلاقة :-

يهدف هذا الشرط إلى ضمان عدم قيام أي شخص آخر بإنشاء نفس التوقيع الإلكتروني بحيث يكون هذا التوقيع منفرداً ومرتبطاً بالشخص صاحب العلاقة إرتباطاً وثيقاً معنوياً ومادياً بحيث لا يمكن إنشاء ذلك من قبل أي شخص آخر , فيجب أن تكون أدوات إنشاء التوقيع من رموز و أرقام وغيرها متميزة بشكل فريد ومرتبط بالشخص صاحب التوقيع الإلكتروني . (1)

إذ يجب أن يدل التوقيع والكتابة الإلكترونية على الشخص الذي ينسب إليه المحرر , وأن تؤدي إلى تحديد هويته والتأكد من إنصراف إرادته إلى الإلتزام بمضمون المحرر الذي وقع عليه , على وجه يتحقق معه الإرتباط بين المحرر الإلكتروني والشخص الذي ينسب إليه . (2)

فالتوقيع عمل إرادي إختياري , فلا بد أن يكون بشكل يؤكد إرتباطه بصاحبه , وأن عملية التوقيع الرقمي ترتكز على إستخدام المفتاحين ( العام / الخاص ) , والتي تتم في نطاق من السرية والكتمان عبر الشبكات, إذ يستطيع المتعاقد من خلال هذه المفاتيح أن يتمكن من التأكد من إرتباط التوقيع بالمرسل , وذلك من خلال مقارنة التوقيع المصاحب للرسالة الإلكترونية مع المفتاح العام للمرسل , فإذا تم التطابق كان التوقيع مرتبطاً بصاحب الرسالة . (3)

1. علاء محمد عيد نصيرات – رسالة ماجستير بعنوان (حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات) – جامعة آل البيت .
2. د.ممدوح محمد علي مبروك – مدى حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي .
3. عبدالله أحمد عبدالله غرايبة – رسالة ماجستير بعنوان (حجية التوقيع الإلكتروني في القانون الأردني – دراسة مقارنة ) – الجامعة الأردنية – 2005.
الشرط الثاني :- أن يكون التوقيع كافياً للتعريف بشخص صاحبه :-
يشترط في التوقيع الإلكتروني الذي يخضع لإجراءات التوثيق أن يتصف بهذه الصفة , وهي قدرته على التعريف بشخص صاحبه , وهذا لا يعني أن يشتمل التوقيع الإلكتروني على إسم الموقع , بل يكفي أن يركز على تحديد أو التحقق من شخصية الموقع على الرسائل الإلكترونية عن طريق الجهات التي تقوم بإصدار شهادات التوثيق المعتمدة مثلاً . (1)
وهو نفس الشرط الواجب توافره في التوقيع التقليدي , والمقصود به أن يتم التوقيع وفقاً للطريقة التي درج الشخص على استخدامها للتعبير عن موافقته أو رضاه بمحتوى المحرر , ولا بد أن يكون التوقيع دالاً على شخصيته ومميزاً لهويته , ولا بد للتوقيع الرقمي ( الإلكتروني ) الموثق أن يحقق هذه الغاية , حيث يحقق هذه الغاية من خلال وسائل و إجراءات موثوق بها تتمثل باستخدام نظام التشفير . (2)
الشرط الثالث :- أن يتم إنشاؤه بوسائل خاصة بالشخص وتحت السيطرة :-
أي أن الموقع نفسه هو من قام بإنشاء التوقيع الإلكتروني بطريقته الخاصة وتحت سيطرته , حيث أن الموقع هو الوحيد القادر على استخدام الرموز المكونة للتوقيع الخاص به , لانه هو من قام بإنشائه بطريقته الخاصة , وتحت سيطرته المتمثلة بالكود أو الرمز المشفر للتوقيع , وبالتالي لا يمكن لأحد سواه الوصول إليه. (3)

ويقصد بالوسائل الخاصة الأدوات المادية والمعدات , أو البرامج الحاسوبية المخصصة في إستحداث وخلق التوقيع الإلكتروني , أي مجموعة العناصر التشفيرية الشخصية أو المعدات
1. علاء محمد عيد نصيرات – رسالة ماجستير بعنوان (حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات) – جامعة آل البيت .
2. عبدالله أحمد عبدالله غرايبة – رسالة ماجستير بعنوان (حجية التوقيع الإلكتروني في القانون الأردني – دراسة مقارنة ) – الجامعة الأردنية – 2005.
القاضي يوسف أحمد النوافلة – حجية المحررات الإلكترونية في الإثبات – الطبعة الأولى .

المعدة خصيصاً لإحداث التوقيع الإلكتروني , ولا بد أن تكون هذه الوسائل تحت سيطرة الشخص الموقع كشرط لا بد أن يتوافر في التوقيع الإلكتروني الذي طبقت إجراءات التوقيع عليه .(1)

الشرط الرابع :- إرتباط التوقيع بالسجل الذي يتعلق به بصورة لا تسمح بإجراء تعديل على القيد بعد توقيعه دون إحداث تغيير في التوقيع :-
يتناول هذا الشرط مسألة سلامة التوقيع الإلكتروني وسلامة المعلومات التي يوقع عليها إلكترونياً , بحيث إذا تم توقيع مستند تكون سلامته وسلامة التوقيع مرتبطين إرتباطاً وثيقاً بحيث يصعب تصور إحداهما دون الآخر , حيث أنه يجب أن يكون التوقيع مرتبطاً بالسجل بصورة لا تسمح بإجراء تعديل على القيد بعد توثيقه دون إحداث تغيير في التوقيع , أي أن تعديل القيد بعد توثيقه يجب أن يحدث تعديلاً بالتوقيع الإلكتروني والعكس صحيح (2) , والغاية من ذلك هي الحفاظ على الأمان اللازم للقيد الإلكتروني , فأي تغيير يحدث في البيانات يكون قابلاً للكشف عنه ومعرفة الخلل في ذلك (3) .
المبحث الثاني :- توثيق التوقيع الإلكتروني :-
عرفت المادة (2) من قانون المعاملات الإلكترونية اجراءات التوثيق بأنها “الاجراءات المتبعة للتحقق من أن التوقيع الالكتروني أو السجل الالكتروني قد تم تنفيذه من شخص معين، او لتتبع التغيرات والاخطاء التي حدثت في سجل الكتروني بعد انشائه بمافي ذلك استخدام وسائل التحليل للتعرف على الرموزوالكلمات والأرقام وفك التشفير والاستعادة العكسية واي وسيلة أو اجراءات أخرى تحقق الغرض المطلوب ” .

1. عبدالله أحمد عبدالله غرايبة – رسالة ماجستير بعنوان (حجية التوقيع الإلكتروني في القانون الأردني – دراسة مقارنة ) – الجامعة الأردنية – 2005.
2. علاء محمد عيد نصيرات – رسالة ماجستير بعنوان (حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات) – جامعة آل البيت .
3. عبدالله أحمد عبدالله غرايبة – رسالة ماجستير بعنوان (حجية التوقيع الإلكتروني في القانون الأردني – دراسة مقارنة ) – الجامعة الأردنية – 2005.
كما وعرفت شهادة التوثيق بأنها “الشهادة التي تصدر عن جهة مختصة مرخصة أو معتمدة لإثبات نسبة توقيع إلكتروني إلى شخص معين إستناداًإلى إجراءات توثيق معتمد .

وقد بينت المادة (34) من ذات القانون الحالات التي تكون فيها شهادة التوثيق التي تبين رمز التعريف معتمدة حيث نصت على أنه “تكون شهادة التوثيق التي تبين رمز التعريف معتمـدة في الحالات التاليـة:-
أ- صادرة عن جهة مرخصة أو معتمدة.
ب- صادرة عن جهة مرخصة من سلطة مختصة في دولة أخرى ومعترف بها.
ج- صادرة عن دائرة حكومية أو مؤسسة أو هيئة مفوضة قانوناً بذلك.
د- صادرة عن جهة وافق أطراف المعاملة على إعتمادها.”

يتضح مما سبق أن المشرع الأردني ميز بين التوقيع الإلكتروني الموثق والغير موثق , والتوقيع الإلكتروني الموثق هو الذي له حجية في الإثبات أما غير الموثق فلا حجية له , حيث أن التوثيق يقوم على التحقق من القيد الإلكتروني وإرتباطه بالموقع دون غيره , والكشف عن أي تلاعب قد يحدث في هذا السجل بعد إنشائه (1) .

المبحث الثالث :- حجية التوقيع الإلكتروني ودوره في الإثبات :-
بالرجوع الى نصوص قانون المعاملات الإلكتروني نجد أنه نص على المعاملات التى يقبل فيها التوقيع الالكترونى وهى كما يلي :
1-المعاملات الإلكترونية الرسمية :-
تنص الفقرة (ب) من المادة (4) من قانون المعاملات الالكترونية على أنه (تسري أحكام القانونعلى مايأتي :المعاملات الالكتروية التى تعتمدها أى دائرة حكومية أو مؤسسة رسمية بصورة كلية أو جزئية).

1. عبدالله أحمد عبدالله غرايبة – رسالة ماجستير بعنوان (حجية التوقيع الإلكتروني في القانون الأردني – دراسة مقارنة ) – الجامعة الأردنية – 2005.
يتضح من هذا النص أنه يفتح مجالاً واسعاً أمام الدوائر الحكومية والمؤسسات الرسمية لاستخدام الوسائل الالكترونية في إنجاز المعاملات المختلفة والتي تتم عن طريق الورق وتتطلب وقتاً طويلاً,فأجاز إستخدام الوسائل الإلكترونية في المعاملات التى تجريها الدوائر والمؤسسات الرسمية,سواءا كان ذلك يستغرق كل نشاطها أو جزء منه.

2- المعاملات التى يتفق عليها الأطراف :-
أجاز قانون المعاملات الإلكترونية الأردني في المادة(5) :- أ- للأفراد الإتفاق على إجراء معاملاتهم بوسائل إلكترونية, وهذا يعنى أن التوقيع الالكترونى يكون مقبولاً في مثل هذه المعاملات بشرط أن يستوفي جميع الشروط والأوضاع التي اشترطها القانون لذلك,عندئذ يتمتع هذا التوقيع بالحجية القانونية الكاملة.
والمعاملات التى يتفق أطرافها على إجرائها كثيرة ومتنوعة تشمل جميع أنواع المعاملات المدنية والتجارية التي يرغب الأشخاص الطبيعيون والمعنويون إجراءها بإستخدام الوسائل الإلكترونية بما فيها التوقيع الإلكتروني , وتؤكد الفقرة ب من المادة (5) من ذات القانون بأن الإتفاق على إجراء معاملة أو معاملات معينة بوسيلة إلكترونية لايعنى أن الأطراف ملزمون على إجراء معاملات أخرى بالوسيلة نفسها.
أما فيما يتعلق بالمعاملات التي لا يقبل فيها التوقيع الإلكتروني فقد نصت المادة السادسة من قانون المعاملات الإلكترونية الأردني على أن احكام هذا القانون لاتسري على المعاملات التالية:
أ-العقود والمستندات والوثائق التى تنظم وفقا لتشريعات خاصة بشكل معين أو تتم باجراءات محددة منها:
1-انشاء الوصية وتعديلها.
2-انشاء الوقف وتعديل شروطه.
3-معاملات التصرف بالأموال غير منقولة بما في ذلك الوكالات المتعلقة بها وسندات ملكيتها وإنشاء الحقوق العينيه عليها,بستثناء عقود الإيجار الخاصة بهذه الأموال.
4-الوكالات والمعاملات المتعلقة بالأحوال الشخصية.
5-الإشعارات المتعلقة بإلغاء عقود خدمات المياه الكهرباء والتأمين الصحي والتأمين على الحياة أو فسخها.
6-لوائح الدعاوى والمرافعات وإشعارات التبليغ القضائية وقرارات المحاكم.
ب-الأوراق المالية إلا ماتنص عليه تعليمات خاصة تصدرعن الجهات المختصة إستناداًإلى قانون الأوراق المالية النافذ المفعول.
وقد أقر المشرع الأردني صراحة بوجود المحرر الإلكتروني إذا كان موقعاً توقيعاً موثق مزيلاً للشكوك حول قيمته في الإثبات , ولم يعد المحرر الإلكتروني خاضعاً في هذا الشأن لسلطة القاضي التقديرية وأصبح له حجية المحررات الورقية وحجيتها في الإثبات .(1)
وطالما أن التوقيع الإلكتروني تم توثيقه بين الأطراف واستوفى شروطه القانونية فإنه مقبول لإضفاء الحجية على المحرر الإلكتروني , فإذا كان التوقيع الإلكتروني يحقق الغاية المرجوة التي يؤديها التوقيع التقليدي فليس مهماً أن يكون هذا التوقيع قد ورد على محرر مادي , أو دعامة غير مادية , فالمهم هو الغاية وليس الوسيلة .(2)
المحررات الإلكترونية بين الرسمية والعادية :-
نصت المادة (7) من قانون المعاملات الإلكترونية على أنه ” يعتبر السجل الإلكتروني والرسالة الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني منتجاً للآثار القانونية ذاتها المترتبة على الوثائق والمستندات الخطية والتوقيع الخطي بموجب أحكام التشريعات النافذة من حيث إلزامها لأطرافها أو صلاحيتها في الإثبات”.

عبدالله أحمد عبدالله غرايبة – رسالة ماجستير بعنوان (حجية التوقيع الإلكتروني في القانون الأردني – دراسة مقارنة ) – الجامعة الأردنية – 2005.
القاضي يوسف أحمد النوافلة – حجية المحررات الإلكترونية في الإثبات – الطبعة الأولى .

وبالرجوع إلى قانون البينات نجد أن المحررات (الأسناد) الخطية المعدة للإثبات تقسم إلى رسمية وغير رسمية و الأوراق غير الموقعة ويتبين ذلك من نص المادة (5) التي نصت على أن ” الأدلة الكتابية هي :-
الأسناد الرسمية .
الأسناد العادية .
الأوراق غير الموقعة .
وكذلك نصت المادة (6) من قانون البينات على أنه ” 1 – السندات الرسمية:أ- السندات التي ينظمها الموظفون الذين من إختصاصهم تنظيمها طبقاً للأوضاع القانونية ويحكم بها دون أن يكلفمبرزها اثبات ما نص عليه فيها ويعمل بها ما لم يثبت تزويرها.ب- السندات التي ينظمها أصحابها ويصدقها الموظفون الذين من إختصاصهم تصديقها طبقاً للقانون ، وينحصر العمل بهافي التاريخوالتوقيع فقط.2 -اذا لم تستوفِ هذه الأسناد الشروط الواردة في الفقرة السابقةفلا يكون لها إلا قيمة الأسناد العادية بشرط أن يكون ذوو الشأنقد وقعوا عليها بتواقيعهم او بأختامهم او ببصمات أصابعهم. وجاءت المادة (7/1) من ذات القانون على أنه ” تكون الأسناد الرسمية المنظمة حجة على الناس كافة بما دون فيها من أفعال مادية قام بها الموظف العام في حدود إختصاصه أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره وذلك ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانوناً ” . يتضح لنا من النصوص السابقة أن حجية الأسناد الرسمية لا تقف عند ذوي العلاقة فقط , بل تمتد إلى الغير أي إلى الناس كافة , فكل شخص يمكن أن يسري في حقه التصرف القانوني الذي يثبته السند الرسمي ولا يكون أمام الغير الذي له مصلحة في إثبات عكس ما ورد بالسند الرسمي إلا أن يطعن فيه بالتزوير .(1) وبالتالي فإن المحرر الإلكتروني الصادر عن الموظف العام يعتبر حجة على الناس كافة ولا يطعن فيه إلا بالتزوير , أما ما تلقاه الموظف العام من ذوي الشأن وصادق عليه , فيعتبر حجة في التوقيع والتاريخ . أما محتوى المحرر الإلكتروني الرسمي فلا يصل حد الطعن فيه بالتزوير بل يعتبر صحيحاً إلى أن يثبت

1. أ.د عباس العبودي – شرح أحكام قانون البينات – دراسة مقارنة – الطبعة الأولى- الإصدار الثالث .
صاحب المصلحة عكس ذلك بالطرق المقررة قانوناً . (1)
أما المادة السند العادي فقد عرفته المادة (10) من قانون البينات بأنه ” هو الذي يشتمل على توقيع من صدر عنه او على خاتمهاو بصمة إصبعه وليست له صفة السند الرسمي. فالسند العادي هو الكتابة التي يوقعها شخص بشأن تصرف قانوني ودون أن يتدخل في تحريره موظف عام , ولا يستلزم أي شكل معين في إعداده ولهذا سمي بالسند العادي لأن العادة والعرف جرت على جعل العقود غير خاضعة إلى أصول تقيد بها , وأن الأفراد العاديين هم الذين يتولون صياغتها و إعدادها دون تدخل للموظف الرسمي في ذلك . (2)
إضافة إلى أن قانون المعاملات الالكترونية قد أعطى التوقيع الالكترونى الأثرالقانونى نفسه الذي منحه للتوقيع العادي من حيث إلزامه لصاحبه ,فإنه قد أعطاه أيضاً الأثر نفسه فيما يتعلق بصلاحيته في الاثبات وهنا لابد من ملاحظتين:الأولى : أن قانون المعاملات الالكترونية إعتبر التوقيع الالكتروني صالحاً للإثبات تماماً كما هو الحال في التوقيع العادي,وألغى كل تمييزفيما بينهما,ونص على عدم جواز التمييزضد التوقيع الالكترونى وعدم إغفال الأثر القانوني له,لأنه ورد بوسيلة إلكترونية ,وهذا مانصت عليه المادة (7 / ب)بقولها بأنه “لايجوز إغفال الأثر القانوني لأي مما ورد في الفقرة (أ)من هذه المادة لأنها أجريت بوسائل الكترونية شريطة إتفاقها مع أحكام القانون”.والثانية:أن التوقيع الإلكتروني له صلاحية كاملة في الإثبات بحيث له القدرة على إثبات جميع المعاملات القانونية إلا تلك التى يتطلب القانون لإتمامها شكلية معينة أو إجراءات محددة وهو مانصت عليه المادة (6) السالفة الذكر.
وبناءً على ذلك فإن التوقيع الإلكتروني يصلح لإثبات جميع المعاملات التي يتم إجراؤها بوسائل إلكترونية مهما كانت طبيعة المعاملة,ومهما كانت قيمتها ,وسواء كانت من العقود الملزمة لجانب واحد

عبدالله أحمد عبدالله غرايبة – رسالة ماجستير بعنوان (حجية التوقيع الإلكتروني في القانون الأردني – دراسة مقارنة ) – الجامعة الأردنية – 2005.
2. أ.د عباس العبودي – شرح أحكام قانون البينات – دراسة مقارنة – الطبعة الأولى- الإصدار الثالث .
أو جانبين أو معاملات تجارية أو مدنية كل ذلك بشرط أن يكون التوقيع الإلكتروني متفقاً مع أحكام القانون,من حيث التوثيق ووجود شهادات التوثيق وتطابق التوقيع الإلكتروني مع رمز التعريف الموجود في شهادة التوثيق وغيرها من الشروط التي يتطلبها القانون لكي يكون التوقيع الإلكتروني صالحاً للإثبات.(1)
وكذلك نجد أن قانون البينات الأردني نص في المادة (13) على ما يلي :-1. تكون للرسائل قوة الأسناد العادية من حيث الإثبات ما لم يثبت موقعها أنه لم يرسلها أو لم يكلف أحداً بإرسالها .2. وتكون للبرقيات هذه القوة أيضاً إذا كان أصلها المودع في دائرة البريد موقعاً عليها من مرسلها .3. أ – وتكون لرسائل الفاكس والتلكس والبريد الإلكتروني قوة السندات العادية في الإثبات.ب – وتكون رسائل التلكس بالرقم السري المتفق عليه بين المرسل والمرسل إليه حجة على كل منهما .ج – وتكون مخرجات الحاسوب المصدق أو الموقعة قوة الأسناد العادية من حيث الإثبات ما لم يثبت من نسبت إليه أنه لم يستخرجها أو لم يكلف أحداً بإستخراجها .
التعارض بين المحرر الموقع إلكترونياً والمحرر الورقي التقليدي :-
قد يكون دليل الإثبات لدى أحد الخصوم هوالمحرر الورقي العادي ولدى الآخر هو المحرر الإلكتروني وقد يكون مضمون المحررين متعارضين وقد يحدث في الواقع العملي أن يطلب المرسل إليه ( المستهلك ) من المنشىء ( البائع ) تزويده بمستند ورقي بالإضافة إلى المستند الإلكتروني وقد يكون هناك تعارض بين المستندين .

1. للإجابة حول التساؤلات التي تثور حول هذا الموضوع نجد أن المادة(12) من قانون المعاملات الإلكترونية نصت على ما يلي :-يجوز عدم التقيد باحكام المواد من (7- 11) من هذا القانون في أي من الحالات التالية:-أ- اذا كان تشريع نافذ يقتضي إرسال أو تقديم معلومات معينة بصورة خطية إلى شخص ذي علاقة وأجاز هذا التشريع الإتفاقعلى غير ذلك.ب- اذا أتفق على إرسال أو توجيه معلومات معينة بالبريد الممتاز أو السريع أو بالبريد العادي. وبالنظر إلى هذا النص يمكن القول بأن المشرع الأردني قد خول القاضي سلطة الترجيح بين المستندات الإلكترونية والمستندات الورقية تاركاً له الحرية في الإستعانة بكل الوسائل وبغض النظر عن دعامة المحرر , ومؤكداً عدم التمييز بين المحررات على أساس دعامتها .(1)

—————————————————
عبدالله أحمد عبدالله غرايبة – رسالة ماجستير بعنوان (حجية التوقيع الإلكتروني في القانون الأردني – دراسة مقارنة ) – الجامعة الأردنية – 2005.